ليس تذمراً من القدر ولا ضعف إيمان لا قدر الله أن يكون هذا الاتجاه منطقاً تفكيرياً ولكن الألم يُحاصر أنفاسي التي ترسم تناهيد القهر والدهشة على ملامحي كلما سمعت عن رحيل أناس طيبين لم نجد من وجودهم في حياتنا سوى الطيبة ولم نسمع منهم سوى كلمات الود والاحترام النقي الخالي من شوائب المصالح الضيقة التي بانتهائها تبدأ الأحقاد والضغائن التي تدوس على كل معنى جميل في حياتنا.. لهذا نجدهم يتناقصون ليقل عددهم لنستمر في الحياة برفقة وحوش بشرية لا تجيد سوى لغة الإيذاء بنوعيه المادي والمعنوي وهذا ما جعلني أتساءل: لماذا يرحل عنا الطيبون؟ أولئك الذين نتفاءل حين نرى الطيبة تشع بنورها من وجوههم البريئة المزينة بابتسامة لا تفارقها، أولئك الذين لهم قلوب لا تعرف الحقد ولا ترافق النفاق، نبضهم الطاهر واضح يتجلى بضياء تعاملهم وسلوكهم، فما أقسى أن نسمع فجأة خبر وفاة أحد هؤلاء الذين يؤمنون بأن عمر الحياة أقصر من أن تُشغل باكتساب عداوات، فهم قليلون في حياتنا وإن وجدناهم نحتفظ بهم ككنز حقيقي لا نقبل أن نفقده ولكن لا نستطيع مواجهة أمر الله عز وجل، فحينها نخضع بإيمان للقدر وندعو بأن يرحمهم المولى عز وجل ويسكنهم فسيح جناته ويلهم قلوبنا الصبر والسلوان على فراق ملائكة كانت تعيش وسط بشر يتفاخرون بالعدوان ويرفعون رؤوسهم بانتصار الأحقاد على التسامح والتصالح وكل هذا في معركة من السخف أن ندخل فيها، لأن شعارها أن ندوس على مبادئنا لنصنع ثقافة القوي يقضي على الضعيف..
*بقايا حبر:
رحلتي لأكتب بعدك حزني
بحروف رفعت لقهرها الصحف
وجفت لأنينها الأقلام!!
رحلتي لأفتقد الخير
الذي ذهب يبحث عن وجهك
الملائكي في زحمه الأنام!!
رحلتي لأرتدي السواد
وأعلن حداد تفاءلي
وأرتل انكسار الأحلام..!!
رحلتي لأعشق الدمع
وأرافق الوحدة في زوايا
يسكنها الظلام..!!
رحلتي لأصرخ بسخط
في وجه قدر يخطف الطيبة
من نواحي الأيام!!.
رحلتي لأحبس أنفاس
تذمري وأمنع ضعف
إيماني الكلام!!.
رحلتي لتتركي جفني
يُسامر ضجيج الفجيعة
ويهجر سكون المنام!!.
رحلتي لأزور قبرك
وأرتل بصوتي المبحوح
على نبضك الطاهر
آيات السلام!!.
نعائم شائف عون الخليدي
لماذا يرحل عنا الطيبون؟ 2191