• تحمست الولايات المتحدة الأميركية مع الثورات العربية، وساهمت في الدفع بوتيرة الثورات مضحية بحلفائها الأوفياء في دول الربيع العربي.. اعتقاداً منها بأن الثورات ستأتي بأنظمة أكثر اعتدالاً وإن جاءت بالإسلاميين، فإنهم سيكونون أفضل من غيرهم ولنجربهم في الحكم وفق سياسة أميركا.. لكن الثورات جاءت بأنظمة أكثر تشدداً.. أكثر رغبة في الانتقام من الأنظمة السابقة، أكثر تمسكاً بالحكم وصبغة بصبغة واحدة ولون واحد أي أنهم أقل احتمالاً لشراكة الآخرين.
• أميركا وجدت نفسها أمام تيار إسلامي كان يعمل بهدوء إلى أن وصل إلى حتمية الثورة وضرورة تغيير الأنظمة والبدء بتحديد النظام الجديد.. تيار يمتد من تونس ـ حزب النهضة ـ إلى مصر جماعة الإخوان المسلمين مروراً باليمن ـ حزب الإصلاح ـ وليبيا والسودان و... إلخ، أي أن المنطقة كلها ستكون ذات لون متقارب والتوجهات السياسية لن تختلف كثيراً والمواقف هي الأخرى ستكون أكثر اتساقاً..
• هنا على أميركا أن تعيد حساباتها وأجندتها الخاصة بالشرق الأوسط فالقوة لم تعد تجدي والترغيب لا يؤتى أوكلا..! ولا مجال إلا الشراكة والتعاون.. إلغاء مبدأ الهيمنة لأن الخطاب السياسي الديني في دول الربيع يسمى أميركا (قوى الشر، قوى الاستكبار) وبالتالي هذا مؤشر لعلاقة كامنة ومواقف علنية وسرية..
• يعلم الجميع أن الولايات المتحدة الأميركية دوماً بحث عن عملاء، وسطاء وعن تيار قابل للتعامل ليس بمرونة ولكن بتواطئ.. هؤلاء العملاء موجودون في الأنظمة السابقة وما زالوا يعملون إلا أن حدود أدوارهم تقلصت إلى حد كبير بعد الثورات العربية..
وإعادة هؤلاء العملاء إلى الواجهة يصبح صعباً، ولذا من الطبيعي أن تبحث أميركا عن عملاء جدد في دول الربيع العربي ـ وما أكثرهم ـ يعملون لصالح الأجندة الأميركية والغربية عموماً وهؤلاء تجدهم أكثر ولاءً للمادة وللمناصب ولا علاقة لهم بأوطانهم، هؤلاء هم تعتمد عليهم أميركا ودول أوروبا في تمرير قضايا ومشروعات بل والترويج لأفكار ورؤى و... إلخ.. لكن لن يفلح هؤلاء العملاء في أداء أدوارهم بشكل جيد لأنهم في ظل أنظمة إسلامية وتيار متشدد يتنافى بقوة بعد أن كفر العرب بحكامهم وانقلبوا عليهم.
• دول الربيع العربي تنقلب على أميركا، حيث أصبح الشارع العربي في هذه الدول أكثر حساسية من أميركا وتدخلاتها في مختلف المجالات.. والانقلاب ضد أميركا قد يؤثر على علاقاتها مع الحكومات والأنظمة وقد تدفع أميركا ثمناً كبيراً لمواقفها ضد الإسلام والمسلمين والمشاهد الأخيرة للشارع العربي بعد عرض الفلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أكبر دليل على تأجيج العلاقة بين العرب وأميركا.. مما يعني أن أميركا لم تعد صديقة ولا عدوة بل دولة مستهدفة.
محاسن الحواتي
أميركا.. ينقلب عليها الربيع 1987