الولاء : هو الينبوع الذي يحفظ للأمة أمجادها ... وتميزها وتفوقها... فكل ما نلاحظه من استرخاء وانطفاء وتواكل سببه الرئيسي انعدام الولاء !!! فالولاء والانتماء للوطن شعور داخلي يأتي من خلال التداخل والتكامل والتفاعل بين الجانبين الوجداني والعقلي، لذا فإنها حالة نفسية صعبة التركيب.
وكلما كان هذا الشعور نابعاً من أعماق النفس البشرية، مؤمناً به الفرد ومترجماً للحرية والديمقراطية التي ينعم بها آمناً في وطنه وعمله، لا نابعاً من أجندات خاصة وغايات لا يعلم بها إلا الله سبحانه، كان أكثر استقراراً هو والمجتمع الذي ينتمي إليه.
الولاء والانتماء ديناميات تحرك الطاقة الإنسانية على الأصعدة كافة، الفكر والسلوك، وهي من الحاجات الفطرية التي تعمل على سواء الشخصية أو اضطرابها، فمنها الفطري ومنها المكتسب.
الانتماء الفطري طبيعة ذاتية خلق الله الإنسان بها، ولا دخل للإنسان في ذلك مثل الجنس واللون، أما الانتماء المكتسب فاكتسبه الفرد من خلال العمل والهوية والنشاط والميل، ولا ضمان لهذه الانتماءات إلا من خلال الانتماء الأكبر للوطن، لأن الانتماء للوطن هو الذي يحمي ويرعى جميع هذه الانتماءات، والتفاعل بين هذه الانتماءات والانتماء للوطن يؤدي إلى نمو الفرد وازدهار الوطن، ومن المعروف أن هناك انتماءات وقتية ربما تزول بزوال تأثيرها، إلا أن الانتماء الأكبر الانتماء للوطن باق، وكل من يقل انتماؤه للوطن تتلاشى انتماءاته الأخرى تلقائياً.
وحين يرتبط مفهوم الولاء والانتماء ارتباطاً إيجابياً كان ذلك مصدراً للنمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، أما إذا كان الارتباط بينهما ارتباطاً سالباً فيكون ذلك على حساب الوطن، ويظل الوطن غارقاً في التخلف والتمزق والانهيار.
الولاء والانتماء مفهومان لا يشتريان بالمال، وإنما يكتسبان من خلال بناء الثقة والتقدير والثناء والعمل الجاد من أجل الوطن ومصلحته العليا.
إن الوطن وحب الوطن شعور وجداني أو حالة انتماء وتفاعل تكونت من الماضي واستمرت تكبر وتكبر للحاضر والمستقبل تعمل من أجل أن يبقى الوطن متماسكا قويا يواجه الصعوبات ويتغلب عليها ،أما المواطنة فتعني اللغة والعادات والتقاليد وكل الآمال التي يريدها كل الساكنين في الوطن ويرغبون في أن تتحقق .
كما أن المواطنة ليست مجرد شعور بالانتماء فحسب، بل إنها ترجمة وتطبيق لكل الأمور مجتمعة، وذلك لأنها سلوك يقوم به المواطن ويمارسه في حياته اليومية وفي كل زمان ومكان ، أقوالاً وأفعالاً وذلك من أجل رفعة الوطن وتقدمة..
أما الوطنية فهي ثقافة سياسية اجتماعية وهي أيضاً مشروع سياسي يقوم على مبدأ التطور والتفاعل المستمر بين جميع الثقافات القومية والدينية في المجتمع وبين جميع أفراد هذا الوطن .
إننا بأمس الحاجة الآن إلى الولاء والانتماء للوطن الذي هو الولاء للأرض وليس للطائفة أو القبيلة أو العائلة، فالانتماء الطائفي أو القبلي هو من أخطر التحديات الراهنة.
علينا جميعاً العمل على ترسيخ مفهوم الولاء والانتماء والمواطنة أو إضعافه من خلال الأثر الكبير الذي يتركه في عقلية المتلقي ونفسيته.
وأخيراً لا ننسى دور السلطة في التعامل مع جميع أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم وطوائفهم على قدم المساواة، وإتاحة الفرص المتكافئة للجميع للتمتع بخيرات الوطن وتعميق المفاهيم وممارستها بدلاً من التغني بها فقط.
رائد محمد سيف
الولاء والمواطنة ... 1773