حين يتملك الإنسان البسيط الشعور والإحساس بالمواطنة والانتماء لبقعة جغرافية معينة، فإن ذلك الشعور وذاك الإحساس ينعكس تلقائياً ويتحول إلى ولاء وطني متى ما تملكه الإحساس بهذا الكيان الذي ينتمي إليه وحفظ له حقوقه ودورة في صناعة القرار فيه ليترجم هذا الشعور نفسه إلى الواقع ويبذل كل جهد في سبيل الارتقاء به .
فوراء كل تطور ونهضة في أي بلد ما تكمن قصة ولاء عميقة وشعور كبير بالمواطنة متى ما شعر المواطن بكرامته مصانة ، وحقوقه مكفولة ، وحريته محفوظة ، وبقيمته عالية ، ليسهم في خدمة وطنه وهو ما يبدو ظاهراً في تقدم أي مجتمع اليوم .
وحينما تكون القيادة مستشعرة لمسئولياتها تجاه مواطنيها وتحفظ حقوقهم وتصون مصالحهم وتقدم كل الخدمات لهم فتكفل لهم حق التعليم والمسكن والملبس والدواء والعيش الكريم وغيرها من متطلبات الحياة، فإن المواطن عندئذ يتسرب إليه الإحساس بالانتماء ويتحول ولاؤه للوطن فقط ويترجم ذلك إلى واقعه ومجتمعه .
عند ذلك يرتفع معيار الولاء الوطني لأعلى مؤشراته ونرى ثماره بادية للعيان ولنا بتجربة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي خير دليل حينما تملكه الشعور بالولاء لوطنه وإحساسه الكبيربه، انعكس ذلك على المواطن الذي شعر فعلاً بأن له بلد وكيان ينتمي إليه ويمثله لما تلمسه من توجه صادق من قيادته لخدمته وهو ما ظهر في تفاعل المجتمع بكل فئاته ومساهمتهم في تجربة التعاونيات الناجحة التي وصل أثرها إلى مستوى كل قرية ومديرية ومدينة من شق للطرقات وإنشاء المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات وتحول المواطنين إلى خلايا نحل تعمل بنشاط وتفان من اجل الارتقاء بالوطن وبدأ مشروع النهضة يجد طريقه ليصل إلى أطراف الريف اليمني .
وهو ما انعكس أيضاً على المواطن المغترب في المهجر إذ تقول الإحصائيات إن تحويلات المغتربين في دول الخليج والسعودية فقط إلى اليمن بالعملة الصعبة خلال العام 1978م فترة حكم الرئيس الحمدي بلغت 10 مليارات دولار لارتفاع معيار الولاء الوطني نتيجة الإحساس بالمواطنة والكرامة المتساوية لدى المواطن وتولد انتماء عميق للوطن ليهبط ذلك المؤشر إلى أقل من الربع في السنوات الأخيرة .
اليوم المواطن فقد الشعور بالانتماء للوطن بسبب عدم حصوله على حقوقه من الدولة المكفولة بالدستور والقانون، إذ لا تعليم مجاني ولا صحة مجانية وعيش كريم ولا خدمات ولا إحساس بالأمان كل ذلك أثر على مستوى المواطنة وأصبح ولاء المواطن تتجاذبه ولاءات الحزب ، الطائفة ، القبيلة، الأسرة وغيرها من الو لاءات الضيقة .
لا بد للقيادة اليوم من استشعار مسئولياتها ودورها في النهوض بالمشروع الوطني والقيام بواجبها تجاه المواطن وعليها أن تهيئ الأرضية الخصبة للنهضة، فاليمن غني بشبابه وكوادره المبدعة الذين تحولوا إلى طيور مهاجرة في كل أنحاء المعمورة والعمل على إشراكهم في القرار والعملية السياسية والحوار الوطني وهو إن حصل فسيعمل كل بجهده للارتقاء بالوطن والنهوض به .
يوسف الدعاس
الشعور بالانتماء ودوره بالنهضة 2182