× أذكر جيداً عندما كنت في مرحلة الأساسي بالسودان كان الزي أخضر ثم تحول إلى أبيض، وهذا اللون الأخير هو المشكلة، حيث نضطر لغسل الزي يومياً وخلال العام كنت أتزيء بأربعة أزياء بيضاء كنا مميزين بهذا الزي ما يعكس اهتمام الأسرة بنظافة صغارها ـ كما يعكس فوضانا في التعامل مع اللون الأبيض الذي يتحول فجأة إلى اللون "البُني"..
في المرحلة الثانوية وفي مدرسة أروى للبنات في صنعاء كنت البس اللون الأزرق الغامض، كنت موظفة صباحاً وطالبة بعد الظهر، لم استمتع باللون الأزرق كثيراً، وعلاقتي به كانت رسمية للغاية، لكن كان الجميع يعرف أنني طالبة فيما أشعر وحدي أنني موظفة وإنسانة متعبة اختارت لنفسها هذه المشاق طواعية.. المهم أنك وحتى اللحظة عندما ترى الطلبة والطالبات تعرف في أي المراحل هم وهذا تميز جيد وحلو..
× زرت الممكلة المغربية قبل عشرة أيام في زيارة عمل وهذه سوف أحكي لكم ـ في مقال قادم ـ المشاهدات التي لفتت نظري لكن موضوع الزي المدرسي لا بد منه إذ شاهدت طلبة المدارس هناك يلبسون ما يحلوهم وكأنهم خارجون من نادي أو منتدى رياضي.. عدت إلى طفولتي و"تمدرسى" ـ هذه الكلمة مغربية ـ في السودان واليمن وسرحت قليلاً فالموضوع هام ـ لأن الزي يعني أنك في مرحلة، ما من الدراسة لها خصوصيتها، لها نكهتها، لها وقعها، إذا كانت المدرسة لا تنسى والزملاء والسبورة وباحة المدرسة فكيف ننسى الزي الجميل الذي يشبه سنوات الدراسة، ومستواها؟..
× أؤمن بالحرية والديمقراطية، كما أؤمن بأن الزي المدرسي لا يعني التقيد أو قمع الحرية بل يعني الشعور بالانتماء للمدرسة، للمرحلة الدراسية لمجموعة الأصدقاء والزملاء.. والشيء الآخر يمنع التباهي والتفاخر بالملابس والأحذية، فهناك تلاميذ فقراء يمنعهم العوز والحاجة من إمتلاك الملابس الفاخرة أو الكثيرة، وهذا ناحية إنسانية لا بد من مراعاتها والحرص عليها.
× بالمغرب هناك العديد من الأشياء الرائعة والجميلة التي نفتقدها ونتمنى لو نطبقها في بلادنا لكن "مخرب غلب ألف عمار" وأملنا في المسؤولين الشرفاء كبير وفي الجيل الجديد أكبر، الزى المدرسي مهم لأني عندما شاهدت التلاميذ الحلوين لم أشعر أنهم تلاميذ مدرسة فقد ارتبطت المدرسة بزي معين بعض التلميذ هوية وتميز، فهل الحرية والنمط الحياتي الغربي بلغ النخاع في المغرب هذا ما أكدته لي المرافقة التي سهلت لنا فهم اللهجة المغربية الغائرة في الفرنسية..
× عندما تكون قادماً من المشرق العربي تجد صعوبة في فهم اللهجة المغاربية عموماً، وهذا شيء طبيعي لنوعية الاستعمار الغربي من فرنسي في المغرب العربي إلى انجليزي في المشرق العربي وفي زمن الاستعمار الأميركي يتعذر علينا التفاهم ونحن عرب!
حتى المدارس وصغارها يأخذون الطابع الغربي وأهمها غياب الزي المدرسي وحرية أن تلبس ما تريد.. فيا أهلنا هناك ما كل ما هو غربي هو جميل وإنساني ويناسبنا، مازال بيننا تلاميذ فقراء ومعدمون.. ومازال اللون له تأثيره في الانتماء الوطني، والانتماء للمكان وللأصدقاء.. مازلنا أمة لها عاطفة وثقافة تقودنا إلى الفضيلة والثراء الروحي..
محاسن الحواتي
أهمية الزي المدرسي 2817