;
2012-12-03 03:16:08


أرى البشائر تترى في نواحيها من بعد يأسٍ سرى من فعل طاغيها
من مصر الكنانة؟!
يبدو جلياً للعقلاء المنصفين أن الشعب المصري يخطو خطوات ناجحة متتالية واثقة.. تنبئ عن رغبة جامحة بالخروج مما كانوا فيه من ضياع وظلم مشاع، كما تنبئ هذه الخطوات الموفقة عما تتمتع به قيادتهم من صدق، وإخلاص وشجاعة، وحرص، وتواضع..
وقبل كل شيء أعتقد ـ أنا شخصياً ـ أن الله عزوجل يهيئ مصر وشعبها تهيئة خاصة، فقد أذن سبحانه بأن يرفع الظلم عنها، وأذن للمستضعفين فيها أن يستعيدوا حقوقهم وكرامتهم وإنسانيتهم، وأن يعبدوه دون أن يحاسبوا أو يعاقبوا أو يتهموا بأنهم متطرفون ـ أصوليون ـ يريدون قلب نظام الحكم ـ كما كان الأمر لعقود مضت، مع أن أنظمة الحكم القائمة، أو كثيراً منها تستحق أن يقلبها الله فيجعل عاليها سافلها كما فعل بجبابرة وفسدة قوم لوط وغيرهم في منطقتنا العربية "ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك لبالمرصاد"، لكن أمتنا الإسلامية قد توقف فيها نزول العذاب، والاستئصال، وذلك لا يعني أنها معفية من الحساب والعقاب، فهناك عقوبات أخرى دنيوية، أخرى أخروية هي الأشد.
ولعل الله قد أذن لمصر والشعب المصري باستعادة الدور المصري العربي الإسلامي كما كانت في كثير من فترات التاريخ الإسلامي، ولعل الله قد أذن بكشف الزيف الذي مورس سياسياً وعسكرياً واجتماعياً واقتصادياً في مصر وغيرها، إذ سُخرت القوة والمال، والإعلام في كل الأحوال لصناعة زعامات وبطولات وانتصارات، بل فتوحات للزعيم الأوحد، حتى الهزائم المتلاحقة حسبت لهم انتصارات سابقة!
والدليل الظاهر أن الزعيم لم يقتل، بل لم يتعرض للأذى، وإن سحق الجيش، ودمرت القوة، واحتلت الأرض.. فإن كل ذلك يهون مع بقاء الزعيم الأمين المأمون، والانتصارات له مكفولة في الداخل، حينما يخوض الحروب مع شعبه فيهزمه في كل المواقع والميادين والمواجهات: في الانتخابات ـ في معاشه ـ في العدل فيحرمه منه ـ في التعليم فلا يمكنه من تحقيق صناعة ولا زراعة، ولا فهم ولا وعي لحقوقه مقابل الواجبات المفروضة عليه!!
يحقق الانتصارات الساحقة حينما يقيم الجدران الفولاذية لحماية العدو الخارجي، ومنع تسرب شيء من الضرورات الحياتية لمن يناوش العدو المسالم.. يحقق الانتصارات الاقتصادية حينما يصل لأن يكون أكبر مستورد للقمح مع أن الاكتفاء الذاتي ممكن لتوفير الأرض الصالحة والمياه الكافية والخيرات المتراكمة، لكن النصر للزعيم هنا مطلوب للعدو الخارجي، وطاعته وإرضاؤه واسترضاؤه هو نصر في حد ذاته للزعيم الملهم، ويحقق انتصاراً ساحقاً على شعبه حينما يصدر ثروات الشعب للعدو بأرخص الأثمان فيظهر بذلك الكرم والتسامح وسلوك سبل السلام؟!!
لقد أذن الله بتغيير الحال في مصر، صانعة الرجال الأبطال، علم الله أن مصر عاشت الفرعنة العصرية كما عاشتها في فترات قديمة، وأنها ذاقت من ويلات الفرعنة والتزييف للوعي، ما لم يذقه غيرها، وأنها ضحت بخيرة رجالها في ظلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سلماً.. ملئت سجونها بالأبرياء، ومورس فيها أشد أنواع التعذيب، وانتهكت فيها كل حقوق الإنسان في حق الشرفاء فقط، أما المسبحون بحمد الزعيم، المزينون له أعماله فإنهم هم الوطنيون الغيورون المتنورون المشاركون في صنع انتصاراته الداخلية العظيمة التي أشرنا إلى بعضها، بل إلى بعض بعضها! إذ حياته كلها نضال، كلها أعمال لحفظ نظام الحكم المتفرد به فرد لئلا ينقلب فتنقلب معه الحياة كلها، وتبدل الأرض غير الأرض، ويغضب رعاة حقوق الإنسان..
والبشرى التي نراها هذه الأيام هي الخطوات الحكيمة الأخيرة.
التعامل مع القضاء والقضاة ـ التعامل مع كيد الكائدين لإفشال أية خطوة جادة نحو الإصلاح ـ نحو الديمقراطية الثورية لإفشال محاسبة المجرمين في ضوء الحق والعدل، ما توصل إليه الرئيس المنتخب حقاً من حسن قيادة سفينة النجاة مع اشتداد العواصف الهائجة، وتكالب أصحاب المصالح الزائفة، والآمال غير الشريفة..
وصل مرسي إلى القريب من شاطئ الأمان للمصرين جميعاً، فما هي إلا أيام وتحل البشرى الكبرى، تصويت الشعب المصري ـ الذي قد عرف مصلحته ـ على الدستور الفريد الذي لم تعرف مصر مثله قبله، الذي لا يمكن الوصول إلى أحسن منه في مثل وضع مصر، كفل لكل الفئات حقوقها دستورياً، فما على المصريين إلا إقراره، وستكون القوانين المنبثقة عنه مطمئنة أكثر بإذن الله، أما إذا صدق الشعب المصري ما يكال من اتهامات للرئيس المنتخب والإسلام والإسلاميين فإنه يكون قد قضى على آماله وتطلعاته وذلك، ما لا نظنه أبداً، إذ كيف يمكن لشخص أو جماعة أو شعب أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ فالخير كل الخير أن يختار المصريون ما توصلت إليه الجمعية التأسيسية من مسودة الدستور فإنها قدمت ما توصل إليها ممثلو الفئات والأحزاب حتى الذين انسحبوا، فما انسحبوا إلا آخر المطاف وقد شاركوا في معظم المواد.
والذي هو أدنى ما يقدمه ويدعو إليه المهزومون، الذين يرون أن لا مستقبل سياسي لهم لأمور وأسباب يعرفونها، لكنهم وغيرهم لن يظلموا، لن يضطهدوا، لن يحرموا في ظل العدل المتوقع الذي تبشر به مقدماته، فما قد مضى من السير دليل على باقي الطريق، والله يجمع شمل المصريين على الحق والعدل ليكون لهم الأثر العظيم على غيرهم.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد