لا تخطئهم العين .. تجدهم منتشرين في شوارع ومولات ، ومستشفيات ، وعيادات القاهرة، تتشابه ملامحهم الجميلة ، وتختلف أحوالهم وظروفهم ، منهم من كان مشغولاً في علاج نفسه ،ومنهم من كان مشغولاً في علاج احد أقاربه أو صديقه، وقليل منهم من جاء للنزهة..
هكذا رأيت الموطن اليمني المغلوب على أمره في ضواحي وشوارع القاهرة ، لقد تحسرت كثيراً لكثرة المواطنين اليمنيين الذين ذهبوا إلى أم الدنيا مرغمين وليس راغبين وذلك من اجل العلاج .
أثناء ذهابي في اليوم التالي من وصولي أم الدنيا ، توجهت إلى مطار القاهرة الدولي لاستقبال احد الأصدقاء ، وسمعت احد سائقي الأجرة هناك وهو يقول لصديقة: طائرة العيانين وصلت أو ليسه؟! ... لقد شد انتبهي هذا المسمى ، وجلست أفكر هل هناك طائرة آتية من سورية أو فلسطين تحمل على متنها جرحى أو مصابين بأمراض نتيجة لاستخدام الأسلحة الكيماوية ، ولكني لم انتظر كثيراً حيث سمعت احدهم ينادي طائرة العيانين وصلت ، فسالت احد سائقي الأجرة: من أين آتية تلك الطائرة ؟ فنظر لي بتعجب وقال لي أنت من وين ؟!فأخبرته أني من اليمن ، فتبسم لي وقال إحنا بنسمي الطائرة الجاية من اليمن بطائرة العيانين ، لأن أغلبهم لا يأتون لمصر من أجل السياحة وإنما من أجل العلاج .
وهنا شدني فضولي إلى الجلوس مع بعض المواطنين الذين حضروا من اجل العلاج ورأيت العجب العجاب ، رأيت منهم من تم تشخيص حالته في أكبر وأفضل مستشفيات اليمن بأن لديه مرضاً خبيثاً أو فشلاً كلوياً أو غيره من الأمراض المستعصية علاجها في يمننا الغالي ولكن هذا المواطن يتفاجأ بأنه لا يعاني من أي مرض وانه بصحة جيدة ، رأيت بعض المواطنين يعالجون أمراضاً تعد من الأمراض السهلة مثل استئصال اللوز ، وسألته لماذا لا يجري العملية في اليمن كون عملية استئصال اللوز من أسهل العمليات .. فأخبرني انه لا يثق بالطب في اليمن من كثرة ما يسمع من أخطاء التخدير أو الأخطاء الطبية التي قد تودي بحياة المواطن نتيجة الإهمال الطبي .
فتساءلت كثيراً ، عن كثرة المستشفيات الخاصة المنتشرة في أرجاء يمننا الغالي ، والتي ربما تفوق بعددها العيادات الخاصة ، تساءلت عن تلك المستشفيات وإعلاناتها المنتشرة بوجود أطباء من أحسن أطباء اليمن ، ولكني أدركت حقاً أن تلك المستشفيات غثاءً كغثاء السيل ، وأيقنت أن وزارة الصحة مازالت في سبات ولا نعلم متى تصحو ومتى تحمل على عاتقها مسئولية ما يعانيه المواطن اليمني، أليس من حق أي مواطن أن يحظى بأقل الأشياء وهو توفير الرعاية الصحية الجيدة؟!.
أسئلة نطرحها على وزارة الصحة: متى تصحو الوزارة من سباتها العميق ؟ ومتى نرى المواطن اليمني لا يحتاج فعلاً إلى السفر إلى الخارج من أجل العلاج ؟ متى يتم محاسبة الأطباء الذين يتلاعبون بأرواح المواطنين ؟ أسئلة كثيرة وكثيرة.. نسأل الله العلي القدير أن يشافي مرضانا.
رائد محمد سيف
طائرة العيانين وصلت !!! 1869