;
يوسف الدعاس
يوسف الدعاس

على أعتاب مؤتمر الحوار الوطني 1650

2013-02-06 15:11:47

 
تمر اليمن بمرحلة انتقالية حرجة ومهمة للانتقال من حالة الفوضى واللا استقرار وغياب الدولة وحضور الولاءات القبلية والحزبية والجهوية والمناطقية والشخصية الضيقة إلى مرحلة الدولة بمفهومها الحقيقي المؤسسي القائم على النظام والدستور والقانون..
ولأن المرحلة حساسة ودقيقة وتعد مفصلية في التاريخ السياسي اليمني الحديث الذي لم يشهد قيام دولة بالمفهوم الحديث رغم مرور أكثر من أربعين عاماً على قيام الثورات اليمنية المجيدة سبتمبر وأكتوبر في العامين 1962م و 1963م وكنتيجة طبيعية للصراعات العسكرية والقبلية والحزبية والجهوية والتي اتسمت بالطابع السياسي أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على بنية النظام السياسي وإضعاف مؤسساته وبالتالي أدى إلى عدم استقراره ليظل البلد رهينة في أيدي تلك القوى المتصارعة التي تمارس حضورها في كل جوانب حياة المجتمع حتى على المستوى الشخصي وتقوم بالدور الذي كان من المفروض أن تقوم به مؤسسات الدولة القائمة حتى تصل البلد إلى الدولة بالمفهوم الحديث.
ولأن الدولة هي أرقى ما توصل إليه الفكر السياسي الإنساني الحديث لإدارة وتنظيم شؤون المجتمع من كافة النواحي للارتقاء والنهوض به، إلا أنها في بلدان العالم الثالث تحديداً ومن بينها اليمن ظل مفهوم الدولة غائباً ولم تشهد وجود الدولة بالمعنى الحقيقي إلا بالمظهر الشكلي من خلال مؤسسات شكلية أيضاً أقرب إلى عمل العصابات أغلب همها هو القيام بجباية الأموال ونهب المقدرات والهيمنة على السلطة والنفوذ كعصابات مافيا لتظل متحكمة بالمشهد السياسي، مما أدى إلى غياب تام للدولة عن القيام بواجبها المفروض في إدارة وتنظيم شؤون المجتمع وتقديم خدماتها له ليصل إلى مستوى المفهوم الحقيقي للدولة.
فلدينا في اليمن مثلاً إرث قبلي وجهوي كبير يقوم بدور الدولة عبر نظام المشيخ التقليدي الذي يمارس مهام إدارة المجتمع وحل مشاكله بدلاً عن مؤسسات الدولة ولدينا مثلاً المجلس التشريعي (مجلس النواب) المخول في إصدار التشريعات والقوانين لتنظيم شؤون الدولة، فمثلا حين كان يترأسه الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، رحمة الله تغشاه، كان يقوم بإصدار التشريعات والنظم للدولة في فترة الصباح وفي الوقت نفسه يمارس مهامه القبلية والاجتماعية وحل النزاعات بالعرف والتقاليد بعد الظهيرة في ديوانه ليقوم بمهام الدولة ومؤسساتها، مما شكل إضعافاً كبيراً وتغييباً للدولة ودورها وهيبتها وهذه حالة واحدة من حالات عدم قيام المؤسسات الدستورية بالدور المطلوب.
اليوم بعد اندلاع الثورة الشبابية السلمية المباركة لاحت في الأفق فرصة ثمينة كثمرة من ثمار التغيير متمثلة في الحوار الوطني والذي يعتبر مرحلة متقدمة من الوعي المدني والسياسي السلمي الراقي لحل كل المشاكل والأزمات التي ظلت تعصف باليمن خلال فترة الصراعات والتي بلغت أوجها في العام 2011م وأمام اليمنيين فرصة تاريخية ربما لن تتكرر للوصول إلى حلول لكل المشاكل المستعصية والعالقة والاتفاق على شكل النظام السياسي وطريقة أدائه ووضع المعالجات والرؤى والتصورات لكل الأزمات وصياغة عقد اجتماعي جديد يلتزم الحاكم والمحكوم به شريطة تفكيك مراكز القوى والتكتلات القبلية والمناطقية المتحالفة التي تؤثر على الدولة وقيامها بأدوارها، وبالجلوس على طاولة حوار مستديرة تضم كل الفرقاء للبدء بالانطلاق إلى بناء الدولة المدنية الحديثة بالمفهوم العصري والالتفات إلى المشروع الوطني الجامع حتى لا يتم إعادة إنتاج القوى والتكتلات القائمة بقوالب جديدة..
على أعتاب مؤتمر الحوار الوطني اليوم تقع مسئولية جسيمة في انتشال البلد من مرحلة الفوضى والتشرذم إلى مستوى الدولة والوطن، كون المرحلة بالغة الأهمية وبوجود المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن تكون مخرجات الحوار قابلة للتطبيق وهذا الاهتمام والحضور الدولي لم تحظ به أي دولة أخرى، مما يمثل فرصة ينبغي أن لا تمر مرور الكرام.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد