هي ثورة الحادي عشر من فبراير التي أسقط فيها رأس الفساد ومظلته الفاسدة سلمياً.. هي الثورة الحضارية بكل ما تعنيه الكلمة تُركت فيها آلة الموت في البيوت وخرج الشعب بصدورهم العارية.. هي الثورة التي قام بها الشعب بكل أطيافه مدنيا وأطاحت بالنظام الفاسد بدون مظهر الانقلابات ولا مبدأ الاغتيالات ولا بخروج حزباً ولا طائفة عن الدولة بالسلاح , هي الثورة المدنية السلمية..
هي الثورة التي لم تقم بها نخبة ولا قائد عسكري ولكن قام بها كل أفراد الشعب من مستقلين وأحزاب وجماعات وكل القوى السياسية التي تنشد التغيير..
هي الثورة التي أتت من أجل كرامة الوطن أرضاً وإنساناً ,أتت بدون تخطيط ولا ترتيب , هي التي خرجت عفويه تريد وطناً يحمي حقوقها ويحترم واجباته نحوها , تُخرج الشعب من الظلمات إلى النور ومن الذل والمهانة إلى العزة والكرامة , ومن العبودية وتقديس الفرد, إلى الحرية والوقوف في وجه الظلم والظُلام, هي ثورةٌ أتت تبحث عن حقوقها المنهوبة من قبل شلةُ فاسدة تصنع لنفسها ولأفراد عائلتها المستقبل علي حساب الشعب اليمني..
هي ثورة 11 من فبراير التي أتت من تحقيق العدالة والتنمية والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات, وكذلك من أجل تجفيف منابع الفساد , ومحاربة الإقصاء والتهميش والتوريث, وإشراك المجتمع في بناء هذا الوطن السعيد..
هي التي أتت لتحي هذا الوطن الميت ولتنتشله من براثن الجهل والفقر والفساد, إلى العلم والرقي والتقدم والمضي نحو اليمن المشرق الذي يحمي الحقوق ويكسر آلة الظلم والاستبداد..
لم تأتي من أجل إحياء الماضي السحيق البغيض بكل ذكرياته وإنما جاءت لتسدل الستار على هذا الماضي وتبدأ صفحةً ناصعة البياض يرسم بها مستقبل الشعب اليمني الذي ينشده..
هي الوحيدة من إتاحت للحزب الحاكم الفرصة لتصحيح أخطائه المرتكبة وللتكفير عنها وبدء صفحته التي يخرج بها من عباءة الفرد والأسرة التي تريد أن تجره إلى مزبلة التاريخ إذا استمر خاضعاً له ولآرائه الهدامة..
هي الوحيدة التي غفرت لكل القتلة ومصاصي الدماء وكل المجرمين والتي سالت بأيديهم وبسبب تعنتهم كل الدماء وأسدلت عليهم الستار واعتبرتهم من الماضي السحيق, الذي دمر العقل والفكر والتعليم وجعل شعباً يغوص في فلك الجهل وتغييب الوعي من أجل الاستمرار بغطرسته واستبداده في الحكم والثروة, وهذا الغفران هو من أجل أن لا تدخل اليمن في مربع العنف..
هي الثورة المتسامحة وفي نفس الوقت لن ترحم من يتهاون مع تسامحها وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي أن الشعب اليمني "أرق قلوباً والين أفئدة"..
هي الثورة التي جعلت من مبدأ تسليم السلطة سلمياً حاضراً علي الواقع وبطرق سلمية وتم إخراج الجيش والأمن بأقل التكاليف والخسائر..
هي من دمرت مشروع التوريث والإقصاء والتهميش, هي من أعادت لثورتي سبتمبر وأكتوبر وللوحدة اليمنية ألقها وزخرفها ومجدها الذي كان في السابق ملتصقاً في أشخاص.. هي ثورة 11 فبراير المجيدة التي أحيت كل القلوب الميتة وأخرجت البلد من الحكم الفردي العائلي إلى حكم الشعب نفسه بنفسه.. هي الثورة التي أدهشت العالم بحضارتها ومدنيتها وسلميتها وجعلته يغير نظرته التي كان النظام السابق يشوه بها وجه اليمن بأكاذيبه وتدليسه المستمر والذي كان يدعي أننا شعب إرهابي قبلي وثعابين وغيرها من المصطلحات الدنيئة.
العالم كله ينظر إلى الثورة اليمنية التي هي أنموذجا يحتذي به, والذي جنب البلاد ويلات الحروب والدمار ولغة القتل.. هي الثورة العظيمة المباركة الطيبة التي جعلت كل العالم يقف أمامها إجلالاً وتعظيماً وإكباراً واحتراماً, ولشهدائها وجرحاها الذين صنعوا هذا المجد الثوري الذي سطر بماء الذهب.