المغتربون اليمنيون في السعودية ودول الخليج يشكلون اكبر تجمع لجالية عربية هناك تمتلك خبرات ومهارات وكفاءات وعقولاً تمثل خيرة كوادر البلد المهاجرة حالت ظروف اليمن الصعبة والعوامل الاقتصادية المتدهورة بينهم وبين توظيف تلك المقومات في نهضة اليمن ليجدوا مكرهين سبيل الهجرة هو الحل الأنسب لوضع تلك الخبرات واستثمارها.
الموارد المالية لدول الجوار نتيجة عوائد النفط مثلت مع الكادر البشري المدرب حالة تزاوج أنجبت نهضة عمرانية وطفرة اقتصادية كبيرة استفادت منها تلك الدول ونقلتها نقلة نوعية إلى الأمام رغم اتساع الهوة والفجوة بين تلك الدول والدول المتقدمة وقصر المسافة منذ اكتشاف النفط والبدء في استخراجها والتي لا تتجاوز الفترة 50 عاماً.
ومع أن العمالة اليمنية كان لها الدور الابرز إلى جانب العمالات العربية والأجنبية في تحقيق النمو في تلك الدول حتى أصبح المغتربون اليمنيون يشكلون أعمدة رئيسية في ميادين الصناعة والتجارة والاستثمار وهناك بيوت تجارية كبيرة ومشهورة توضح الدور الكبير الذي لعبته العمالة اليمنية في تلك الدول ليتعدى ادوار الجاليات من الجنسيات الأخرى..
إلا أن كل ذلك الدور الذي تشكله العمالة اليمنية ومع ما قدمته هناك مع ذلك لم تجد في تلك الدول المكانة التي يستحقونها والمعاملة الحسنة أسوة بكل الدول الأجنبية ممن توفر للمغترب في أراضيها تعامل ومكانة لائقة قد لا تختلف عن السكان الأصليين فمثلا نجد في أمريكا تمنح سنويا الجنسية لأكثر من 50 ألف مهاجر خلال فترة لا تتعدى خمس سنوات بينما دول الخليج والسعودية تحديدا نجد اسر تتعدى الثلاثة أجيال ولدت وعاشت وخدمت في البلد ولم تحصل على الجنسية رغم أنهم أعطوا البلد أكثر من أبنائه الأصليين ومع ذلك لم يتم منحهم الجنسية ولم يتم معاملتهم وحفظ حقوقهم بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية.
ويعود تاريخ المعاناة للمغترب اليمني في دول الخليج العربي إلى العام 1991م فترة أزمة حرب الخليج نتيجة وقوف النظام السياسي حين ذاك مع نظام صدام حسين ضد احتلالها ارض الكويت واخرج مسيرات بالمال العام للهتافات التي تؤيد ممارسات نظام العراق دون إرادة الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني والتي كانوا يعبرون عن رفضهم وان كانت بصفة شعبية ولكن كان لها الدور الواضح من خلال إنشاء هيئة شعبية لدعم ومساندة الشعب الكويتي ترأسها الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر رحمة الله تغشاه ومثل وقوف النظام السياسي مع الظالم ضد المظلوم تداعيات سلبية على المغترب اليمني كان الشعب اليمني ضحية موقف صناع القرار حين ذاك وهذا كان له الأثر الأكبر في نفوس الأشقاء وانعكاسه على معاملة العمالة اليمنية هناك ليدفع اليمنيون ثمن تلك السياسة الغير محسوبة في تهجير الكثير منهم ومصادره اموالهم وفرض نظام الكفالة عليهم.
منذ ذلك الحين وآثار التداعيات تعبر عن نفسها ما تلبث أن تهدأ لتعود إلى الواجهة مجددا دون تدخل الساسة والقيادة الجديدة رغم تحسن العلاقات مع الأشقاء وتحديدا السعودية والكويت والتي مثلت زيارة الرئيس هادي للكويت تطبيع قوي للعلاقات بين البلدين.
ملفات كثيرة وحساسة تجمع بين البلدين الشقيقين اليمن والسعودية ومنها قضية الحدود، والمغتربين اليمنيين، والتي كانت اتفاقية الطائف ابرز محدد لتلك العلاقة بين النظامين وكانت قضية المغتربين اليمنيين تحتل أولوية على أجندة القيادتين في البلدين إلى أن تم تسوية ملف الحدود المشتركة دون الالتفات إلى حقوق العمالة اليمنية هناك وظلت بنود تلك التسوية طي الكتمان تم معها دفن مصالح وحقوق المغتربين دون التباحث بها ومناقشتها.
اليوم وبعد ثورة الشباب اليمني والذي أسقطت النظام وطوت صفحته وما كان يمثله من قلق للجارة الشقيقة بدعمه الحركة الحوثية وغيرها من ملفات الابتزاز أصبح من المعيب استمرار المعاملة المسيئة التي يتلقاها المغترب اليمني في المملكة دون الأخذ بالاعتبار الدور الذي لعبته العمالة اليمنية ومعها كل العمالات الأجنبية في النهضة العمرانية وتطور البني التحتية التي شهدتها دول الخليج بفترة وجيزة.
الشقيقة الكبرى لها دور اكبر من مجرد جار, اذ هي في الأصل الأساس وحجر الزاوية في الحضور والتأثير في المشهد السياسي اليمني عبر المبادرة الخليجية والتي حشدت خلفها دعم المجتمع الإقليمي والدولي وكان التدخل ايجابيا يسجل في رصيد المملكة في إنقاذ اليمن من مخاطر الانزلاق للعنف الذي قد كانت على حافته ولها الدور الأكبر في حجم التعهدات المالية لإنقاذ الاقتصاد اليمني للمساهمة في الاستقرار وتهيئة الظروف لإنجاح التسوية السياسية التي تعتبر المملكة اكبر المستفيد منها.
أمام الشقيقة الكبرى دور اكبر في المساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي لليمن ومنها إعادة النظر إلى قضية العمالة اليمنية والمساهمة في مساعدة المغتربين اليمنيين لديها وحل مشاكلهم و إعفائهم من القوانين الجديدة التي تمثل ضغوط عليهم بما يعود بالفائدة على اليمن وسرعة تعافي الاقتصاد الذي تشكل عوائد المغتربين اليمنيين جزء مهم من حركته وهذا يعود بدوره للدفع بالعملية السياسية والمبادرة الخليجية إلى الأمام وإنجاحهما في ظل صمت رسمي يمني وغياب أي دور تجاه المغتربين اليمنيين وقضاياهم وهو ما يبدو واضحا من خلال إقصائهم من المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني.
يوسف الدعاس
المغترب اليمني واجندة الساسة 1417