هناك أمر غير مفهوم في تعامل الجارة السعودية مع المغتربين اليمنيين، خاصة في هذا التوقيت الذي يخوض فيه اليمنيون عملية الحوار لإخراج اليمن من دائرة الخراب الذي لن يقف داخل الحدود والذي يقول الجيران إنهم يعملون ويتبنون عملية المساعدة من أجل حق الأخوة ومن أجل مصلحتهم.. هم هنا مشكورون, لكن كيف يستقيم هذا مع ما يجري للمغتربين وما يتبعه من تداعيات على كل المسارات، هل سياسة الهجرة والجوازات السعودية منفصلة عن السياسة الخارجية وتعمل ضد مصلحة البلاد؟ ... إن ما يجري لا يحقق إلا مصالح أعداء الاستقرار في اليمن والسعودية، ناهيك عن حقوق الجوار والدين واللغة والتاريخ.. دعونا من كل هذا، ما الذي يمكن أن يفعله اليمنيون حكومة وشعباً لأجل المغترب؟ هذا هو السؤال الملح حتى لا يجري كل من مقيله و(تخزينته) واستراحته ليساعد المغترب على غرار (جاء ليكحلها فعماها) ويكفينا ما جرى في عام 90م، فالحكمة تقول (اذا كانت يدك تحت الحجر اسحبها شويه شويه) حتى لا تتسبب في تمزيقها.. الآن يدنا التي تحت الحجر هي المغترب ويجب أن نعمل ما فيه مصلحة المغترب لإسعافه أولاً ثم نتجه بعدها لبناء دولة الاستقرار.. هذا إذا أردنا أن تنتهي مرحلة الإهانات المستمرة، فبلادنا ليست فقيرة لكننا سفهاء ومغفلون وغاوين فساداً وفوضى التي سقتنا ولن تسقينا إلا كؤوس المذلة المرة ...لابد من نشاط دبلوماسي وضغط سياسي مستمر ومواكبة إعلامية واعية ومسؤولة تعرف ماذا تقول بعيداً عن الشتائم، فالشتائم لن ترد الإبل يا أصحابنا.. على الشارع أن يبقي صوته مرتفعاً من أجل المغترب المنهك والمذل، لكن بدون مزايدات وإساءات لا تغني ولا تسمن من جوع.. على الأحزاب أن ترفع صوتها وتدعم الدولة وتضغط من أجل تبنٍ جاد لقضية المغتربين.. بيان حزب الإصلاح وموقفه كان سباقاً ومتزناً بدعوته الدولة إلى التواصل النشط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتحديداً استثناء اليمنيين، فنحن لسنا فلبينيين ولا هنوداً نحن منطقة واحدة وبيت واحد وعندما يخر السقف فلن ينجو منه أحد.. كل عمل لابد له من ثمرة ويجب أن يكون هناك غرفة عمليات على أرفع مستوى تدير وتتابع مذبحة المغتربين!! نحن لن نذهب لحرب، لكن واجبنا كشعب وحكومة وقوى أن نخوض عملية إنقاذ هي أصعب من عملية حرب شاملة لأنها تنظر للمغترب بأنه الشعب الذي يجب أن لا يموت وان من واجب أشقائه أن يقفوا بجانبه وقت الشدة لا أن يذبحوه بأيديهم وهم لا يشعرون؟!..
هناك أصوات في الإعلام السعودي ومثقفون وعلماء تصرخ من أجل المغترب اليمني تثبت أن العلاقة بين الشعبين أزلية، علينا أن نتواصل مع هؤلاء ونشعرهم بأننا نسمعهم وأن الشعب اليمني ينظر إليهم كأدوات بناء وجسور تواصل في الجسم الواحد, فقط المطلوب أن نخوض هذ المعركة بإخلاص الأب وشفقة الأم و كمعركة تواصل دبلوماسي وحركة سياسية نشطة متكاملة ومنصفة وفي حدود المشكلة وعلينا أن نعرف أن الذي يرغب في خراب البلدين هو من يسعى لتفجير الأوضاع أكثر على رأس البلدين والشعبين لينتقم وهم موجودون هنا وهناك.. وعلى رأس المغترب أولاً الذي يصرخ: ساعدونا الآن بما ينقذنا لكن قبل أن تساعدونا عليكم أن تعرفوا كيف تساعدونا وكيف تمارسون عملية الإسعاف.
ahmedothman6@gmail.com
أحمد عثمان
ما الذي يمكن أن نقدمه للمغترب في محنته ؟ 1674