تعز التي هي الحالمة تحلم كثيراً وتهدي الوطن كثيراً, لكن أحلام أبنائها تموت في نكباتها ونكبات هذا الوطن الحبيب.. تعز التي يجتمع في التآمر عليها كل الأعداء من خارجها بمختلف انتماءاتهم ويجتمع في التآمر عليها بعض أبنائها من فقد مصالحه ويشعر أن دولة النظام والقانون ستجعله أمام الرقابة القانونية والمجتمعية.. تعز كوادرها البشرية تعد أكبر من دول وصلت إلى مستوى عالٍ من الرقي والتقدم, لكن قدرات أبناء تعز لم تستغل ولم توظف التوظيف الحقيقي للتنمية ولم تحظ في مراكز تدريب عالمية للمهارات الإدارية والمهنية فيها, لأنها مازالت تدار بنفس العقلية القديمة بشخوصها وفكرها وقوانينها وأعرافها وهذا في كل الوطن, لذلك كانت اليمن دولة فاشلة في العصر الحديث رغم مجدها التاريخي العظيم وثرواتها الضخمة التي لم تنقب ولم تستغل وعقول أبنائها الذكية إما يبحثون عن كسرة خبز بداخلها أو مهاجرون في الأوطان أو مرضى في بيوتهم أو في المستشفيات إن وجدوا المال..
تعز التي حلمت بمشاريع وطنية يحاول البعض أن يغيبها عنها أو يلتف عليها وأصبحت تستقبل اليوم على تربتها المشاريع الطائفية والانفصالية.. تعز التي حلمت بإنقاذ الوطن من لصوص الثروة وتجار الحروب مازالوا يتحكمون في مصيرها تحت كل المسميات حتى باسم التغيير.. تعز التي حلمت بمطار دولي بعدد سكانها 4 ملايين وأكثر من 4 ملايين مجاور لها لم تستطع أن تعوض مالكي الأراضي.. تعز ميناء المخاء التاريخي الذي لو كان في دولة مهنية الإدارة فيها لكان أفضل ميناء في المنطقة, لا ميناء لتهريب الأودية القاتلة وسموم القات المحرمة والأسلحة.. تعز حلمت التي بالأمن لم تجد إلا جثث قتلى هناك وهناك؛ أحدهم يقتل وتحرق جثته والآخر يقتل في سيارته وتاجر ينهب وطفلة تغتصب وأصوات الرصاص في الحزن والفرح تدوي في سماء المدينة وحشود مسلحة قادمة من كل اتجاه.. تعز المستشفيات الحكومية فيها لو زارتها منظمة الصحة العامة لمنعتها عن مزاولة المهنة..
تعز التي تعيش فوضى الانفلات الأمني والإداري وتداخل الصلاحيات وصراع القرارات والتعيينات بين المركزية والمحلية, يرافق ذلك همجية السلاح في الدائر الحكومية, أصبح أبناؤها في حيرة, يريدون من رئيس الجمهورية, ونحن على ثقه به وإخلاصه الوطني, أن يعلن لهم من هو صاحب القرار الشرعي في التعيين: رئيس الوزراء والوزراء أم المحافظ, وإلى أي مدى يكون ذلك حقاً من حقوق الحكم المحلي؟ وهل هذه المجالس مازالت شرعية رغم انتهاء فترتها القانونية أو متمردة على سيادة الدولة, وهل لجان المفاضلة لجان فيها قرارات رئاسية وتتمتع بمؤهلات عالية وحيادية كاملة؟.. نحن مع التعيين حسب الكفاءة والنزاهة والانتماء الوطني بعيداً عن التعيين الحزبي الذي يظلم فيه الكفاءات, لكن من يقوم بالمفاضلة يجب أن يحصلوا على قرار قانوني ورضى مجتمعي وقرار سيادي أو محلي وتجرد من الانتماء الحزبي والمناطقي والمذهبي والقبلي والجهوي ولديها مؤهلات عالمية لاختيار مدراء الإدارات.
أتمنى من أبناء تعز أن يغلبوا مصلحة تعز الحبيبة على كل المصالح والولاءات الضيقة وأن يتخلص المسؤولون فيها والمعارضون من كل انتماء سابق وأن يكون الانتماء هو لتعز الأرض والإنسان والوطن.
خالد الصمدي
تعز بين الأحلام والنكبات 1778