;
المستشار د.فضل مراد
المستشار د.فضل مراد

المفردة المظلومة.. المصداقية 1605

2013-04-24 17:57:45


هذه المفردة المظلومة التي نسمعها كثيراً ونرى مناقضاتها كثيراً.. إنها المصداقية التي هي في الحقيقة: الحياة الحقيقية والكذب ومترادفاته من المكر والخداع يجعلها كالموات لأنه يفقدك نفسك وعائلتك وعلاقاتك وشعبك وشخصيتك ودينك وإذا فقدت هذه كنت كالأرض الميتة لا زرع فيها سوى الشوك.
إن من أكبر الجرائم في الشرع أمور تجتمع فيها مفردة الكذب بشكل أو بآخر \"ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يكلمهم ولهم عذاب أليم: إمام كذاب، وعائل مستكبر، ومنفق سلعته بالحلف الكاذب\".
هؤلاء الثلاثة الأصناف كلهم كذابون يمارسون هذا الخلق الشقي المنحط.
لماذا يكذب السياسي، لماذا يكذب الحاكم؟
ليس هناك داع للتزوير على الشعب والتغرير به لأن الحاكم ليس على كل شيء قدير.. إنه إنسان قوته من قوة شعبه ,فإن صدقهم ازداد قوة وإن كذبهم أضعفهم وأهانهم وهو يضعف ويهين نفسه أصلاً.
وهكذا الكذب القيادي، لو كنت تقود شركة أو مؤسسة أو نقابة أو منظمة أو تنظيماً أو حزباً أو جماعة ,فإما أن تكون صادقاً في طرحك وفي تصويرك وفي تصرفاتك فتنهض بالأمر الموكل إليك، أو تكون مكاراً، مخادعاً، كذاباً، تقلب الحقائق وتزورها، فتعود معك إلى الفشل، ومهما بررت فقد تنجح مرات في ذلك لكنك في العاقبة الأخيرة ستكون ضمن قائمة الكذبة والفاشلين في حياتك وعند ربك. (والعاقبة للتقوى).
وانظر إلى المنفق سلعه بالحلف الكاذب.. لقد نجح أول مرة أو عدة مرات, لكنه فضح وتناقل الناس صفته وغشه وخداعه, فقاطعه المجتمع ويوما بعد يوم يخسر تجارته، ويخسر ثقة الناس به في حياته فتفوته فرص ومواقف في الحياة لعدم ثقة الناس فيه، ثم يخزيه الله في الآخرة.
وأما العائل المستكبر فهو الفقير كثير العيال وهو مع هذا مستكبر على الخلق.
إن الفقر والغنى من طبيعة الابتلاء التكليفي في الحياة يتضح من خلالهما تعامل الفرد والمجتمع والدولة مع هذا الوضع، ولكن الاستكبار هو خلق كسبي ممنوع شرعا على كل حال. إنه مشتمل على الكذب وخداع النفس والغرور والاتصاف بصفة لا تليق إلا بالله \"فمن نازعه فيها عذبه\".
كان عائلا فقيرا أو فرعونا خطيرا إن الوضع الصحيح هو \"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين\".
إن المصداقية في القيادة تنعكس على مصداقية الأفراد لذلك لم يبعث رسول ولا نبي إلا عرف بالصدق والأمانة.
ولذلك جعل العلماء الكذاب ساقط العدالة. لا تقبل له شهادة ولا نقل دين ولا فتوى ولا خبر ولا ولاية عامة لذلك شرطوا للولايات العدالة وهي مشتملة على هذا الأمر.
وتأمل الموبقات الكبرى تجد منها شهادة الزور بل على رأس القائمة، لماذا؟! لأنها قلب للحقائق على المستوى الشخصي أو العام سياسيا أو اجتماعيا وهذه جناية كبرى تسبب الكوارث ولذلك ذم الله الإعلام المنافق الذي يقلب الحقائق \"وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون\"، وأنا أرجح هنا قول الشافعي في أنه لا كفارة لقول الزور سوى جهنم أو البيان الصادق والتوبة النصوح.
إننا أيها الإخوة عندما نمعن في النظر في هذا الأمر سنجد أن الكبائر العظيمة مناقضة للمصداقية موافقة للنفاق والنفاق نابع من أكبر التصرفات والأعمال والأقوال المبنية على المزايدات والخداع والمكر والنخاسة والأقنعة المتعددة.. سنجد الغش بأنواعه في هذه القائمة.. سنجد كتمان الحق خاصة في موطن يحتاج إليه فيه \"ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه\" وقوله تعالى عن الكاتم للحقائق \"أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون\".
وهذا الأمر واسع جداً.. خلاصته أن القيادي أو السياسي أو التاجر أو الإعلامي أو الشاهد أو العالم أو الفرد أينما كان، إن عدم مصداقيته خسر كثيرا وأهين كثيرا ونبذ وأخزي في الدنيا والآخرة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد