كلما سقطت طائرة, سقطت قلوبنا معها, مات الطيارون ومات السر معهم.. لماذا تسقط الطائرات الحربية والعسكرية بعد 2011, من قبل لم تكن هناك حوادث مثل هذه؟.. البعض يعزي ذلك لقدم الطائرات, ومعظم التقارير تقول نتيجة لخلل فني ولكن هناك ما لم يُقل حتى الآن..
السماء في بلادنا تمطر طائرات وببركتها تسقط على المباني وفي الأحياء المكتظة بالسكان.. وكأن الأمر عادي!!.
في كل بلاد الدنيا إذا برزت ظاهرة ما, يقف عندها الناس والحكومة ومنظمات المجتمع المدني, تتم دراستها بعد الاهتمام بها وإخضاعها للبحث والتحليل لمعرفة أسبابها والقاسم المشترك في تفاصيلها وتبدأ مرحلة وضع الحلول التي تحد من أن تكون ظاهرة مستعصية على الحل.. هذا في بلاد العالم, أي عند الناس الذين يؤمنون بالحياة وبحق الفرد في الحياة والحفاظ عليها.. إلا في بلادنا يموت الناس بشتى الوسائل والطرق, البعض عندما يفلت من حادث أو إطلاق نار يموت من "الباطل" والقهر, هكذا في اليمن الموت كل يوم وكأن الذين يموتون سوف يعودون..
لا ثمن للإنسان اليمني, فالطائرات أصبحت كالسيارات تماماً أو أخطر, تحصد أرواح المواطنين بشكل مخيف, طائرات بدون طيار وأخرى بطيار.
مازال الشعب يطالب وبشدة بإيقاف هجمات الطائرات بدون طيار, كونها تحصد أرواح الأبرياء وليس كل اليمنيين ينتمون إلى تنظيم القاعدة, وبهذه الكيفية لن يتراجع تنظيم القاعدة, بل سيزداد عنفاً.. والغريب أن الشعب والحكومة لا يرفضان من حيث المبدأ قصف اليمن بطائرات أمريكية بدون طيار, فقط يرون وعلى استحياء تخفيف الضربات, أي حبة الصباح وحبة المساء.
إن تنظيم القاعدة الذي يستغل الجبال والمناطق الوعرة في اليمن يحتاج إلى استراتيجية أخرى مغايرة للحد من أنشطته.. أولاً ومن خلال الإعلام يمكن تكريس جرعات التوعية, خاصة في المناطق الريفية والفقيرة, لمنع رفد التنظيم بكوادر صغيرة في السن لا تمتك الوعي الكافي بالدين والحياة.. مخاطبة الأسر والمؤثرين في الرأي العام في المجتمعات المحلية.. أضف إلى ذلك تحسين الأوضاع المعيشية في المناطق شديدة الفقر, لأن الفقر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء انخراط الشباب في موجة التطرف والإرهاب وتحت هذا البند تكون العديد من الأنشطة.
ومن الأشياء الهامة دعوة الحكومة إلى الحوار مع العناصر المعتدلة في تنظيم القاعدة والعمل على خلق لغة حوار حديثة من أجل اليمن ومستقبله.. هذه بعض ملامح الاستراتيجية القديمة – الحديثة والتي ستخفف على الطائرات بدون طيار المهمة اللا إنسانية التي تقوم بها.
أما طائراتنا التي تسقط بلا أسباب فهي بحاجة إلى دراسة واقعها.. فكما يقال "الحديد معوض" لكن البشر والكفاءات من الطيارين الذين دفعت عليهم اليمن "دم قلبها" تفقدهم في لحظة وتخسر كوادرها في حوادث متتالية.. إنها ظاهرة غريبة وليست من قبيل الصدف أبداً.
إن حالة الرعب التي تسببها الطائرات التي تتساقط, لها أبعادها النفسية والاجتماعية وقد يحتاج أهالي الأحياء الذين سقطت عليهم الطائرات إلى مساعدات نفسية خاصة النساء والأطفال, بمعنى حالة الخوف والهلع لها تبعاتها وهذا الأمر كله "خلل فني" في كل شيء.
محاسن الحواتي
البلد الذي يمطر طائرات!! 1559