نرفعه في وجه كل عميل ومأجور ومتمصلح وبائع لذمته، لكل من رضي أن يكون الأرجوحة التي تغدو ذهاباً وإياباً دون أن نعلم الغاية من الذهاب والإياب، كرت أحمر نرفعه بشجاعة في وجه كل من يحاول أن يكتب نصوص حياتنا ويترجم مواقفنا ويحلل آراءنا وفق رؤيته الخاصة ومصلحته القاصرة، ها نحن نقف من جديد أمام تحديات سياسية واجتماعية من نوع آخر، بعضها يحاكي توجهاتنا وتطلعاتنا وبعضها يكتنفه الغموض وتحفه الشبهات حتى تشرق عليه الشمس وتغرب وهو في جلباب المجهول، ولما كان الشعب هو صاحب القرار وأبو الإرادة فإن قرار الكرامة قرار محسوم ومطلب الحرية والعدالة مطلب مشروع وسيكون لدى كل منا أداته المناسبة للدفاع عن بقاء تلك المبادئ الوطنية قيد التنفيذ.
لن يكون المواطن اليمني بعيداً عن ساحة البناء المادي والمعنوي بعد أن أدرك وجود أصحاب المعاول المتأهبة للهدم في كل ربوع الوطن، لكن الأمر لا يجب أن يبقى على طاولة المراوغات ولا يجب أن يستمر كمزاد ولا ينبغي له أن يُعرض على الناس كنتيجة غير متوقعة فالكل شريك في صناعة الخاتمة المرضية لجميع الأطراف. هذا الاستعراض المزري لبعض الجهات والأحزاب السياسية سيقود إلى ظهور ثقافة شبابية قائمة على غض البصر عن الوطن كحزب أكبر والانقياد لبرامج هشة تفقد ديمومتها بمرور الزمن.
نلمح تصريحات سافرة ونسمع عن أخرى خجولة تدعو للاستعداد للتقسيم وتجزئة الوطن استناداً إلى أحداث عفا عليها الزمن والتهمها فك النسيان ولم يعد لها حضور لدى قاعدة شعبية عريضة ترفض الاستسلام لمشاريع أجنبية معدلة محلياً وقاضية بتقسيم الوطن إلى أقاليم مغلقة قد لا تجد القبول على مستوى الثقافة القبلية المتمسكة بمركزية الثروات أياً كان نوعها.
ليس التشرذم حلاً لمجتمع يطلب التوحد الأمني والاقتصادي والاجتماعي وإنما الحل في إيجاد المخارج التي تصدق الاحتقان السياسي وتدعم قيام الدولة المدنية التي تعزز قيمة الإنسانية وتحفظ ماء الوجه اليمني وتبحث في إمكانية ترسيخ مبدأ المساواة عبر قانون خالٍ من الاستثناءات والتحيزات، لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن مقترحات تفتقد للحس الوطني يتقدم بها أهل الداخل والخارج للمفاضلة الهادفة إلى الترجيح بينما يبقى الترشيح أسلوباً تقليدياً ومعتمداً حيال المبدأ الديمقراطي، فإذا بمن ينادي بالديمقراطية بالأمس يعدد مساوتها اليوم، وكأن عدو الأمس صديق اليوم كقاعدة سياسية لا تنطبق فقط على أشخاص ومصالح بل على أنظمة وأساليب وأدوات وقناعات، لهذا نقول إن من حقنا رفع الكرت الأحمر في وجه من يرى هذا الشعب المتسامح حقل تجارب سياسية لا يهم أن تصيب أو تخطئ بقدر الاستئثار بشرف التجربة القاتلة والجرأة في اقتحام السياج الشعبي، لكن هذا لم يعد مقبولاً اليوم أمام صحوة بشرية قادرة على تغيير المسار وتصحيح الاتجاه والانضمام لقافلة الأوطان الثائرة على نفسها، فالثورة قرار ذاتي غير مفروض.
