يحتفل شباب تعز وأهلها بالذكرى الثانية لمحرقة ساحة الحرية بتعز لقد كانت يوماً مرعباً وثقيلاً على الناس, لكنها تحولت إلى مصدر إلهام للحرية ومحاكمة القتلة وأتباعهم... من الساعة الرابعة عصراً بدأ الضرب على الساحة وزاد الضرب بعد مغرب يوم 29/5/2011م، حيث تجمع أكثر من عشرة معسكرات وجهات أمنية لتصفية الثورة وتركيع تعز وبدا الأمر كمعركة مصير بالنسبة للحاكم ونظامه العائلي كان يردد :ركعوا لي تعز وعليّ الباقي... اجتمع الليل والنار والحقد على ساحة سلمية تهتف بحناجرها للحرية.. الجبناء استمروا في الضرب لم يتزحزح أحد, حيث اعتبروها معركة الكرامة بل تقدموا وواجهوا المدرعات والقنابل بصدورهم العارية, امتلأت المستشفيات بالجرحى والمغمى عليهم ومازال الناس يواجهون النار ويقفون أمام الآليات العسكرية والنار بصورة غريبة, لم يعد للخوف مكان, حينها لم أجد تفسيراً لما يجري وانا أنظر لكل هذه الأسطورة والأصوات التي تكسر السلاح وتركعه...
الساعة الثانية عشر ليلاً والمعركة حامية الوطيس والساحة وما حولها تحولت الى جرف قاتل من الأدخنة السامة واستمر الصمود حتى الفجر البعض سحبهم زملاءهم سحباً إلى خارج الموت والدخان.. دخلت الأسلحة المدججة فجراً وجاء القادة العسكريون ليضربوا نار الفرح, فقبل ساعات كان وصولهم الى الساحة من المستحيلات..."لقد كسرناهم وجرفناهم بالجرافات وما بقى إلا أنتم في صنعاء" هكذا قال احدهم وهو يتحدث لزميلٍ له من صنعاء عبر التلفون.. لم يتوقف الأمر هنا فقد نزلت المعسكرات والمدرعات إلى كل الشوارع "ممنوع الحركة... التجمع أكثر من خمسة يعني الموت وضرب النار" شعروا بالنصر الكاذب وأرادوا أن يحافظوا عليه بإخماد أي حركة وإنهاء الثورة.. بينما عاشت تعز ليلتها في حزن وقهر لا يوصف, من كان محايدا دعا للثورة والخروج وتوحدت تعز مالم تتوحد من قبل!!
في اليوم التالي لم تمر المدينة على ما يشتهون لقد تحدت نساء تعز الحظر وخرجت مسيرة تحت النار والمنجزات والشتائم الوقحة , كانت رسالة أن الثورة بدأت وان حرق الساحة يعني إحراق الحاكم وإسقاطه بداية من تعز, أسبوع حتى الجمعة مر بين كر وفر في الشوارع المغلفة والمدينة المحاصرة, إنهم يريدون الحفاظ على نصرهم بمنع الجمعة بينما اعتبر الثوار وأهل المدينة الجمعة المعركة الفاصلة نكون أولا نكون, فقرروا أن يكونوا وخرجوا بأكفانهم.. ممنوع صلاة الجمعة.. قالها الحاكم العسكري الماسك على الزناد والدبابة..."اللي يشتي يصلي في (الجند) خارج المدينة"، وكانت الأوامر تقضي بضرب النار على أي تجمع أعلن الثوار جمعتهم في ساحة قريبة من ساحتهم تجمعوا, لكنهم ضربوا بالنار وجرحوا وذهب منهم شهداء واستمر الكر والفر لم تكن المرأة غائبة وللتاريخ كان حضورها متميزاً وريادياً, فان النساء هنا كن أكثر إصراراً على إتمام الجمعة وكان نزولهن بين الرصاص وافتراشهن الساحة عامل تثبيت وتحريض أعاد الناس تجمعاتهم, بينما الدبابات تضرب والرشاشات على الناس سقط شهداء, لكن الصلاة تمت تحت النار..
في هذا الأثناء دخل حماة الثورة المعركة لأول مرة وفر القتلة في أول مواجهة. وفي هذه الأثناء كان من أمر بحرق الساحة يحترق في قصره المحصن بعد أسبوع من إحراق الساحة وكانت إحدى العبر والآيات واضحة الدلالة لمن كان له قلب!.
بينما كان ثوار الجمهورية يصلون جمعة التضامن مع تعز, سمى ثوار تعز جمعتهم تلك بجمعة (النصر) وبدأت رحلة العودة إلى الساحة ودخلت الثورة مرحلة جديدة أكثر عنفاً وأكثر تضحيةً وفداءً وأكثر شموخاً..
أحمد عثمان
في ذكرى محرقة تعز 2157