كغيري من الحالمين في هذا الوطن أتابع عبر وسائل الإعلام ما يدور في مؤتمر الحوار، وكلما سألنا أحداً من خارج الوطن قلنا له (الحمد لله معانا مؤتمر الحوار سجل كل مشاكلنا.. نحن بخير والمؤتمر وأهله بخير..) ما قرأته مؤخراً وأنا لا أفقه في الشأن العسكري إلا كفهمي باللغة العبرية.. قرأت أن هناك توجهاً لتقليص عدد أفراد الجيش اليمني إلى "250" الف شخص كقوة عاملة وأن البلد كلها ستكون مناطق عسكرية وأنه سيدمج جهازي الأمن القومي والأمن السياسي والمرأة حسب رغبتها من الإتحاق بالشرطة والقوات المسلحة..
الجيش اليمن قوامه ما بين "450 ـ 500" ألف ضابط وصف ضابط وجندي، معظم هؤلاء جاؤوا إلى الجيش عن طريق الحصص التي كانت توزع للمشائخ، والوجهاء وبعض المسئولين و... الخ ليقوموا بتوظيف أهلهم وذويهم ويتجملوا بها مع بعض معارفهم أو تباع كحق لهم.
يجوز التصرف فيه، أي أن عدداً كبيراً التحقوا بالجيش بطرق لم تكن الكفاءة، الرغبة والمؤهل إحداها، بل كعمل يمثل مصدر دخل ثابت ومخرج من البطالة.. لذلك كان قوام الجيش كبيراً وكان يفتقد للتدريب والمهارة ومازال الجندي يستلم أبخس الأجور ويعامل أسوأ معاملة وعادة يزج بالجنود في معارك حديثة لم يعدوا لها أعداداً جيداً ويدفع الجنود ثمن السياسات الخاطئة والأهواء والرعونة.. وقد فقد الجيش عدداً كبيراً من أفراده في المعارك والمطاحن التي لا تنتهي ولم ينصفوا شهداء، جرحى، مجانين أو غيرهم..
إن تقليص الجيش ليس إشكالية ولكن بناء الجيش المقلص أو الباقي بعدده ـ ما شاء الله ـ هي الإشكالية.. وتسريح الجنود إشكالية أخرى والإشكالية التالية نحن بلاد مواجهة ليست مع إسرائيل بالتأكيد ولكن لدينا حدود بحرية مفتوحة ولدينا أكثر من تحديات داخلية وخارجية والكثرة النوعية في الجيش تعني الكثير.. ولها حساباتها لدى كل من يفكر في اليمن بسوء.. لذا لست مع تسريح الجنود بهذا الكم 50% من الجيش ولست مع مبررات الإمكانيات الاقتصادية، لأن الجميع يعلم الفساد في المؤسسة العسكرية وأين تذهب الميزانية والمنقطعون ومرتباتهم والأسماء الوهمية.. فقط يتم إعادة ترتيب الوضع بإسقاط أسماء المنطقعين والأسماء الوهمية وإعادة المبالغ الخاصة بهم إلى خزينة الدولة ثم يعاد تأهيل وتدريب الأفراد على مستوى جيد ومدروس ويعاد تنظيم انتشار الجيش بناء على ما يتطلبه الوضع.. والأهم هو تحسين الوضع المعيشي للجندي وتحفيزه على التعلم والتشقق لأن سياسة تجهل الجنود وتركهم على أميتهم سياسة قادت إلى مشكلات كثيرة وعواقب ومازال المجتمع يعاني منها.
لسنا دولة الفاتيكان حتى نكون بلا جيش أو يكون جيشنا صغيراً وهزيلاً، وعند الحاجة تستعين بقوات دولية وما أدراك ما دولية ومن دخل لا يخرج إلا بعد ما تخرج أرواحنا، لذا وإن كان طلب تقليص الجيش أو رغبة التقليص خارجية أو من دولة ما، نرجو ألا ينفد.. سوف ينضم المسرحون إلى آليات الإرهاب وقد تقتلهم البطالة، فيذهبون إلى الجحيم..
إن دمج جهازي الأمن القومي والأمن السياسي أمر لابد فيه ولكن العناصر التي تورطت في قتل وإخفاء وانتهاكات وغيره ألا تحاسب وتبعد من هذا الجهاز؟ أيضاً هناك عناصر ينبغي وسجلها في التعذيب والتورط ضد المعارضين والناشطين و.. إلخ
هذه العناصر قبل أي دمج تحدد وتوجه إليها التهم وتحال للمحاكمة.
أخيراً المرأة في الجيش عنصر هام وقد أثبتت جدارتها ونتمنى أن تكون شريك حقيقي في المؤسسة العسكرية وتنال مكانتها وفق إمكانياتها وقدراتها العلمية..
محاسن الحواتي
لسنا الفاتيكان..! 1680