كل دولة عظمى أو نصف عظمى أو دون ذلك تبحث لها عن عملاء في دول بعينها ومن أجل معلومات محدودة وعادة ما تجند العملاء من أبناء البلد.. وبهذه المناسبة أحكي لكم قصة عن الإنجليز عندما استعمروا إحدى الدول العربية، جندوا مواطناً أخلص لهم بشكل كبير وبعد الاستقلال وجلاء الجنود البريطانيين، أرادت الإدارة البريطانية تكريم جنودها وكان صاحبنا المواطن العربي بينهم، وقف رئيس الوزراء البريطاني ليصافح الجنود ويمنحهم نوط الشجاعة أو وسام الشجاعة، وعندما جاء دور المواطن العميل رفض رئيس الوزراء البريطاني مصافحته وقال له (أنا لا أصافح خائن وطنه)..
نعم كان مخلصاً لهم وكان خائناً لوطنه، استلم المبالغ الكبيرة مقابل عمل حقير هو خيانة الوطن.. وأمثال هذا العربي كُثر ممن هم على استعداد لبيع كل شيء (وطن، دين، شرف و...إلخ).
الدول الكبرى تجند عملاء ممن يعانون الاضطهاد وسوء المعاملة في بلدانهم وممن أحبطت أعمالهم أو تمت محاربتهم في أرزاقهم ومن الفقراء الطموحين وعديمي الولاء وضعاف الوازع الديني وهؤلاء تدرس شخصياتهم جيداً، مكامن القوة والضعف وما هي تطلعاتهم، أحلامهم، وهواياتهم، أمنياتهم.. وبناءً على ذلك يتم التعامل معهم، وتسخيرهم لخدمة جهات بعينها.. ليس في هذا الكلام جديد فالكل يعرفه، وما أكثر العملاء بيننا في هذا الوطن، لكن الجديد هو سؤالي عن من هم عملاء اليمن الذين يجندون أنفسهم ليل نهار من أجل الوطن يخافون عليه وعلى مصالحه؟ من هم العملاء الحقيقيون الذين يرفضون كل ما يسيء للوطن وما يشوه صورته؟.
إن عملاء الغرب وأتباعهم من الدول العربية يعملون بجدية من أجل هزيمة عملاء إيران في اليمن وعملاء المعسكر الاشتراكي والاتجاه الإسلامي، بمعنى كثر الموالون لأميركا مقابل الموالين لإيران وزاد عدد عملاء السعودية الذين يرون في تمدد الحوثيين خطراً يهدد مصالحهم.. نعتقد أن عملاء اليمن وحدهم الذين لا يقفون مع أحد إلا الوطن.. فهؤلاء شرفاء بطبعهم.. تسري في دمائهم قيم الولاء والانتماء والفضيلة، لا يغرهم الغرور، هم وحدهم من جندوا أنفسهم لخدمة الوطن، لا أمن قومي ولا أمن سياسي هم أبناء "البر والطاعة" لوطن يستحق.. لكن عملاء الخارج أرهقوا الوطن صراعات، انشقاقات واقتتال.. أرهقوا الناس خلافات ومماحكات ومعاناة.. فإلى متى تكون اليمن ساحة صراعات سياسية ومذهبية؟.
في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن هناك من يسعى إلى تقزيم الوطن وتقسيمه وتفتيته من أجل مصالح آنية وشخصية أو من أجل إرضاء جهات أو مؤسسات خارجية، لكن يظل السؤال مشروعاً.. إلى أي مدى سيتقبل الشعب مشاريع "التقزيم" القاتلة تحت دعاوى أن نظام صنعاء كان "استعمارياً" أو أشبه بالاستعمار سيما وقد انتهى النظام السابق، وبدأ عهد جديد؟.
إن العمالة المباشرة أو غير المباشرة للغرب والشرق، مقصودة أو غير مقصودة، بأجر أو ببلاش، هي التي تعصف ببوادر الأمل وبالرؤى الوطنية الرشيدة وبالجهود النبيلة والعظيمة التي يقوم بها عملاء الوطن، والشرفاء والبسطاء.. أملنا أن نكون كلنا عملاء للوطن ونعمل بمهنية العملاء الحقيقيين بإخلاص وتقانٍ.
محاسن الحواتي
عملاء اليمن..! 1744