ألقى الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري في الحكومة غير الشرعية أمام حفل تخريج دفعتين من الكلية البحرية والدفاع الجوي, أثارت موجة كبيرة من التساؤلات, فضلا عن الهواجس والمخاوف مما يمكن أن تتدهور إليه أحوال البلاد بسبب سياسات المجازفة التي يلجأ إليها الانقلابيون.
فقد دعا السيسي كل من أسماهم المصريين الشرفاء الأمناء أن ينزلوا للتظاهر يوم الجمعة القادم, وهو موعد المظاهرة التي رتب لها التحالف الوطني لدعم الشرعية. وقد برر السيسي دعوته بأنه يريد تفويضًا (وأمرًا) بأن يواجه العنف والإرهاب المحتمل!! وأن يُفوض الجيش والشرطة باتخاذ اللازم لمواجهة العنف والإرهاب!!
إنها بكل وضوح دعوة للاشتباك وإراقة الدماء؛ فكما هو ثابت أن المظاهرات المؤيدة للشرعية لا تلجأ للعنف, وأن أعمال العنف تأتي من طرف الجيش الذي قتل الساجدين في مذبحة الحرس الجمهوري وغيرها, والشرطة, وآخر جرائمها إطلاق النار على المتظاهرين فجر أمس أمام قسم شرطة مدينة نصر, والبلطجية الذين يحميهم الجيش والشرطة.
وبطريقة التفجيرات والاغتيالات الموجهة والممنهجة يحاول الانقلابيون الحصول على الدليل على وجود عنف وإرهاب وبالتالي يحصل السيسي على تفويض و(أمر!!) كما يقول لاتخاذ اللازم, ويشمل هذا (اللازم) موجة قتل واعتقالات ومصادرات ومزيد من مصادرة الحريات, وحتى خريطة الطريق التي أعلنها السيسي سيتم تعطيلها – دون إعلان- بسبب الظروف المستجدة.
لقد كشف السيسي في كلمته الكثير من المتناقضات:
1- فحين شرح أسباب الانقلاب قال إن الجيش قدم 3 توصيات استراتيجية ولم ينفذها الرئيس .. فهل كانت هذه توصيات أم أوامر؟ أليست هناك جهات أخرى في الدولة تقدم توصيات, ومن حق الرئيس أن يختار من بينها؟ وهل رفض توصيات الجيش يعد مبررا للانقلاب على الرئيس؟
2- يقول السيسي إنه إذا كان لـ"هذا الطرف", ويقصد الإخوان الوزن والثقل الحقيقي فذلك سيتم عبر الانتخابات!!! يا للعجب!
وهل جاء الرئيس مرسي للسلطة عبر انقلاب عسكري؟ ألم يأت عبر الانتخابات التي أبطل نتائجها الانقلاب العسكري؟ أليس هذا المنطق نفسه هو الذي قاله الرئيس مرسي ومؤيدوه للمعارضة, وحين زعمت حركة تمرد أنها جمعت 20 مليون توقيع قيل لها إذا كانت هذه الأرقام صحيحة, عليكم أن تخوضوا الانتخابات التي كانت على الأبواب, وبإمكانكم الحصول على الأغلبية.
3- ما معنى أن يطلب السيسي تفويضا شعبيا باتخاذ اللازم لمواجهة العنف والإرهاب؟ معنى ذلك أن السيسي غارق في السياسة فهو يدعو الشعب للتظاهر ثم يقول إنه ملتزم بالبعد عن السياسة. ثم من هو الطرف الذي يمارس العنف والإرهاب؟ هل المتظاهرون السلميون المدافعون عن الشرعية يفعلون ذلك أم الطرف الذي يدعمه الانقلابيون؟
4- السيسي الذي يتحدث عن فهمه العميق لمفهوم الدولة يعود بنا إلى دولة أثينا والديمقراطية المباشرة والتفويض الشعبي المباشر ويتجاهل كل الآليات الديمقراطية التي أفرزت مؤسسات منتخبة.
5- أين المعين والمعينة؛ أقصد الرئيس المؤقت والحكومة مما يحدث؟ لقد أثبت الخطاب أن السيسي وحده هو الحاكم الفعلي للبلاد بصرف النظر عن الديكور الممثل في الرئيس المعين والحكومة المعينة.
من الواضح أن مظاهرات الجمعة الماضية ارعبت الانقلابيين, أما خوفهم من الجمعة المقبلة فقد أفقدهم صوابهم, فلجأوا إلى التهديد المباشر دون أن يراجعوا سلوكيات المدافعين عن الشرعية؛ فكل موجة عنف ضد المتظاهرين السلميين كانت بمثابة وقود جديد لرفض الانقلاب, فبعد أن قتلوا النساء في المنصورة خرجت عشرات الألوف من النساء للتظاهر في اليوم التالي.
لقد بدا السيسي متناقضًا, ولجأ للدفاع عن نفسه, والقسم بالله ليقول للناس إنه غير خائن..
ويكاد المريب يقول خذوني.
أحمد عز الدين
السيسي .. وخطاب الفتنة والتحريض 1529