يطل علينا عيد الفطر هذا العام ليزرع فينا الأمل الكبير بالله أن القادم أجمل وأن الغد لهذا الوطن سيكون خيرا من اليوم ما دمنا على يقين وحسن ظن بالله القائل في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)، وما دامت مساحة الخير في قلوبنا ممتدة، وما دمنا على تطلع لغد أكثر آمنا وأمانا ورقياً وازدهاراً، وما دام الأمل فينا متجدد ومساحة اليأس فينا تتبدد، وما دام الفجر المنشود يمد خيوطه إلينا مطارداً بهذه الخيوط على دقتها وضعفها ذلك الليل المستحكم سواده على الأرجاء، وما دام قائدنا الأول مبشراً لنا ومطمئن أن الخير فيه وفي أمته حتى قيام الساعة، وما دام الربيع فينا تزداد زهوره تفتحاً وجمالاً، والصيف وإن أسقط الخريف ورق الشجر يظل يمطر ويثمر مبادئ تحاور وتشاور تعزز فينا قيم التصالح والتسامح والشراكة والتعايش، إذا فلا يأس ولا قنوط ولا خيبة.
إن العيد يعلمنا بتجدد إطلالته أننا وإن جاعت البطون وغارت العيون وكثرت الديون على موعد عما قريب مع يسرين يبدد الله بهما ما نزل بنا من عسر وهاكم وعد الله القادر القائل ومن أصدق منه قولا:(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ولعل صلاحنا واستقامتنا على أمر الله مما يقربنا من موعد الفرج الذي بشرنا به ربنا القائل:(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ)الأنبياء106) مع صبر واعتصام بحبل الله القائل:(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) هذا إلى جانب ما يجب أن نظهر به من تحرر وتبرؤ من النفاق والمنافقين الذين يظهرون عند كل نائبة مثبطين للهمم قاتلين للعزائم وهذا ديدنهم على مر التاريخ كما قص ويقص القرآن لنا أوصافهم و سِيرهم التي تجلى أهمها عند قول الله:(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) فإذا كان هذا حالهم ورسول الله صلي الله عليه وسلم بين ظهرانيهم فما الظن بهم اليوم ورسول الله غائب عنا.
يا عيد هل سيعي شبابنا ورجالنا ونساؤنا اليوم أن تجددك يجب أن يكون عامل تجديد وبناء للدوافع النفسية التي ينبغي أن تصبغ بها النفوس وتتجمل بها الأرواح المؤمنة التقية؟! فتصوب الأنظار نحو الجوانب المشرقة المضيئة لا الجوانب الكالحة المظلمة والمعتمة، لترسوا الخٌطى الأولى على طريق الوصول إلى المجتمع المنشود الذي نؤمل أن يكون مستقبله بالخير معقود بإذن الله، فلقد والله آن الأوان لأن نبدأ بإطلالة العيد طي صفحة الماضي الذي يجب أن لا يعود ولا يسود، لنفتح في سجلات قلوبنا صفحات جديدة نقية يلونها الحب، ويخط أسطرها مداد التسامح، ويشبك أحرفها الإخاء، ويجسد صدقها وسام الفقه والحكمة الذي قلدنا إياه خير من وطئ الثري حينما قال عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم:« أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً ، الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ » لنعطر بصداها الأفاق، إسهاماً منا في بناء يمن التاريخ والحضارة من جديد على أسس من التكاتف والتعاون والإخاء ليعود اليمني عزيزاً كريماً أينما حل أو ارتحل، ولتطل علينا السعادة من كافة الأرجاء، والله نسأل ليمننا عزاً ونصراً وتمكيناً ورخاءً، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.. وكل عام واليمن وأهله بخير وسؤدد ونماء..
نجيب أحمد المظفر
عيدنا..أمل وتطلع..! 1469