في مصر لا يزال الشعب يعيش تحت حكم العسكر المحتكر للسلطة باعتباره "قائداً للدولة والمجتمع" استناداً لما قام به من انقلاب غاشم في ظل غياب تام للحريات الديمقراطية والتعبير عن الرأي ووجود نظام قمعي استبدادي وغياب القانون وسريان حالة الطوارئ والأحكام الجائرة والاعتقالات التعسفية وبداية انتشار الفساد والمحسوبية ليس أقلها توظيف ابنة عدلي منصور في سكرتارية مجلس الوزراء، وظهور طبقة مافياوية تتحكم بالبلاد والعباد، وسن قوانين جديدة تكرس للحد من الحريات وتشرعن للاستبداد، وتحويل القضاء إلى أداة شكلية، تدار في الخفاء من قبل أجهزة الأمن والمخابرات، للتنكيل بالمعارضين وتجريدهم، كما في التوقيفات الجائرة الصادر بحق معتقلي قادة الإخوان ومناصريهم، وعدم إطلاق سراح كلاً من محمد مرسي الرئيس الشرعي لمصر وفريقه الرئاسي، وإنهاء الاحتجاز التعسفي له ولفريقه، وتعريضه لمختلف صنوف الضغط النفسي والمعنوي ومنعه من مشاهدة القنوات التلفزيونية التي حظرت عليه وكل المعتقلين، بالإضافة إلى العديد من حالات الاعتقال والتعذيب الأخرى التي تتم خارج إطار القضاء والدستور، وتعرض العديد من القيادات الرفيعة للتعذيب كحالة المرشد العام للإخوان جراء الملاحقات الأمنية لهم, وتعرض النساء وبعض المعتقلين إلى الضرب والإهانة أثناء اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية في مصر بسبب مشاركتهم في التظاهرات التي دعت إليها قوى التحالف المناصرة للرئيس مرسي, والتعتيم الكامل على ما حدث في سجن أبو زعبل ومنع زيارة الأهل للسجناء, ومنع التظاهر والتجمع السلمي ومواجهتها بالحديد والنار وقتل العديد من الشباب العزل كما حصل وما زال يحصل حتى اليوم من ممارسات قمعية بحق المغاضبين الذين ما زالوا يطالبون بعودة الأمور إلى ما قبل "30" يونيو، كما أن النظام يضع قيوداً ثقيلة في مواجهة الرأي الآخر، ويقوم بمنع الكثير من السياسيين والنشطاء ولرياضيين من السفر خارج البلاد، ويحجب القنوات التي تنتقد النظام العسكري هناك.. إلى غير ذلك من القوانين والممارسات التي تتناقض مع أبسط المبادئ والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
أما الشعب العظيم في مصر، والذي يعيش مناضلاً على ترابه الوطني وفي مناطقه التاريخية، فما زال يتعرض هو الآخر إلى سياسة الاضطهاد العسكري والحرمان من الحقوق والحريات العامة وتطبق بحقه المشاريع والإجراءات العسكرية التعسفية التي أدت إلى عسكرة الحياة والتي أفضت إلى محاربة المواطن في لقمة عيشه، وسد منافذ الأمان والاستقرار في وجهه، ونشر ثقافة الكراهية والتعصب والتطرف في المجتمع، لإجباره على الرحيل من مربع المناصرة للإخوان المسلمين.
اليوم وإن لم يوجد سبب يلوح في الأفق يوحي بوقف مثل الممارسات العسكرية التي يقوم بها فريق السيسي، ووضع حد للممارسات الاستبدادية، وإلزام الانقلابيين باحترام كافة القوانين والمواثيق والمعاهدات المتعلقة أدبياً وأخلاقياً بحقوق الإنسان، اليوم وإن لم يوجد رادع لهذه الممارسات, لنتذكر أن يد الله تعمل في الخفاء, أنه بالمرصاد للظالمين, لأن الله عز وجل طلب منا بذل السبب وتكفل هو بالنتائج، لذلك عندما خرج السوريون يرددون شعارهم الخالد "يا الله مالنا غيرك يا الله" كان لا محالة من نصرهم حتى وإن كان نصرهم تشارك فيه يد غادر مجرم, لأن الله قد ينصر المظلوم بالفاجر، والمقهور بالغادر، والموجوع ضرباً من المستبد بالكافر وهكذا دواليك..
ومصر ليست بمنأى عن هذه الحقيقة، فنصر الله لها قادم لا محالة, حتى وإن حاول الآخرون توقيف عجلة هذا النصر، لأنهم إن حاولوا ذلك مراراً وتكراراً فسيحترقون وإلى الأبد تماماً, كما احترق من كانوا قبلهم عندما حاولوا أن يسبحوا عكس تيار الشعوب، وقد يسأل الناس متى سيأتي هذا اليوم؟.. نقول بأنه قريب, لأن بعد الليل الطويل صبحاً منيراً.
مروان المخلافي
إن بعد الليل صبحاً قريباً 1029