;
محمد الهيصمي
محمد الهيصمي

الشعب" براس المكان" 1176

2013-09-15 17:40:25


لا أدري ما اذا كانت فعلا كلمات لأنشودة ثورية حماسية راجت أيام القومية العربية واليسار عقود القرن الماضي أم أنها فقط كلمات عارضت الكلمات الأصلية للأنشودة واتسقت في لحنها , كما أني لا أدري ما اذا كان نقد من نوع ما لفن القرن الماضي خاصة الثوري منه يجدي الآن . غير أن مما لا شك فيه هو أن الشعب ما يزال (براس المكان) وأن السؤال باق حتى يومنا هذا دون إجابة :
من كان المقصود بــ (البنية) الباقية في ( قومي ارقصي يا بنية)؟!
نتحدث عن نقد الفن , ولأن الفن بأدبيات شعوب جالسة (براس المكان) منذ الأزل لم يجد من يمثله عبر القرون إلا (دوشان) يُرد من باب الدار عادة , فلا عجب أن يكون النقد السياسي هو من يجلس براس المكان.
مروان الغفوري ينصح الإخوان المسلمين أن يكفوا عن (الغباء) , ويتحدث أذكياء آخرون عن مرسي (العبيط) لو أنه فقط أقال السيسي.. لو أنه اختصر خطابه الأخير في دقائق كما فعل مبارك لما كان سقط.. !! .. يتحدثون عن عدم قبول الإخوان لنصائح متدحرجة من (راس المكان) ..
 كان القذافي نموذجا لثقافة كهذه حين رفض أن يغادر خيمته إلا إلى المجاري..
خطاب كالذي في الأنشودة المذكورة ينغرز في الذاكرة كطلقة غدر ويغوص بالاستلاب كشوك الطلح في لحم التكوين العقلي والنفسي للأجيال , ممعنا في استرخاء (السلطان مع حريمه) وبإصرار فحل عربي على بترياركية مجتمعات الدمامل والجدري. هذا بتحليل سوشيولغوي فقط , أما الباقي فلا يقوى أي تحليل على تقدير حجم الكارثة من خطاب بهذا السفه بل ويعجز عن التنبؤ بمصير شعوب بثقافة كتلك.
لا أدري ما إذا كنت معنيا بنقد الإخوان أو من ينتقدون الإخوان. غير أنه من المتأخر فعلا أن نكتشف اليوم فقط مدى القسوة التاريخية في السجن المرجعي للتفكير العربي. لم ولن ينفك العقل العربي من الدوران كجمل معصرة حول احتمالين لن يجد عنهما ثالث: الفرس والروم. وهو سريع التردد بينهما بالمناسبة.. فمن اقصى اليسار الليبرالي العلماني المنفتح على كل شيء, إلى اقصى اليمين الكهنوتي الكسروي المظلم.. فقط دورة واحدة حول المعصرة وعصابة سوداء حول العينيين تقي الجمل تشنجات الدوار.
ولو كان صدام لم يغز الكويت.. لو كان مرسي عزل السيسي .. لوجدت الناقد ينتقد فضيلة ما تُرك بالضد مما جاء اليوم ولكان ما ارتآه أولئك خطء هو عين الصواب الآن.. حتى على افتراض أخطاء ناصر والحمدي .. كلهم أغبياء فعلا.. ليس لأنهم أخطأوا افتراضا , وإنما لأنهم قاموا على شعوب تحلم فقط بالاسترخاء (براس المكان).
لست محتاجا هنا لإعادة البديهية العربية القائلة بلا وجود لأخطاء سياسية سوى تلك الموجبة للغضب الصهيوني في أميركا وأوروبا. لم يكن حلم صدام فئوي ولم يكن مشروع جمال ديني .. لم يكن الحمدي يحمل أكثر من حلم بالانعتاق.
ليست الأيدولوجيات أو التوجهات هي ما يستوجب السقوط سياسياً من الأعين الإسرائيلية .. ليست الأخطاء وإن بلغت إبادة شعب بغاز السارين وفي وضح النهار هي ما يوجب السقوط من المجتمع الدولي الكبير والعريض.
بعد كل هذه العقود من الابتذال ربما جاء الربيع العربي ليسقط باقي أوراق التوت. ربما انكشفت الآن تفاصيل المهزلة وجاز لنا تتبع خيوط المأساة من جذورها. تلك الثقافة الإستلابية الانتهازية المكرسة لثنائية الخادم والمخدوم. ذلك الإرث الطبقي الذي نقله ابن المقفع عن ثقافة أجداده والذي لا يجد للبنات بابا في مؤلفاته إلا كآخر ما يُصنف ومع الطعام أدنى السلم.
 ربما بان الآن المقصود الحقيقي بالشعب وجلوسه, تلك الأنانية التي وصلت بها الوقاحة حد الردة عن أصغر مبدأ ثوري فلم تجد عيبا في التصريح بأن عودة مبارك أرحم من بقاء الإخوان. كيف لشباب ثورة مستقلين أن يطالبوا بتمثيل في بناء دولة (مؤسسات) دون حتى أن يصلوا بادعاءاتهم ومبادراتهم وإعلاناتهم الثور وسياسية إلى (التأسيس) لكيانهم..؟, كيف لمن يرفض أن يكون (مؤسسة) ولو في أبسط صورها أن يسهم في بناء دولة (مؤسسات)؟ ليس المقصود الإخوان سواء بالنقد أو الإسقاط والاعتقال والمحاكم العسكرية بل والقتل والسحل والحرق.. لم يكن المقصود صدام وأسلحة الدمار ولا جمال بعد كل شيء.. كأن حال البعض اليوم يصيح وبكل سفالة : ديكتاتورية ورجعية وظلامية تخارجك ولا ديمقراطية تحنبك.. و الآن بعد أن صدعوا رؤوسنا عاما كاملا بــ (يسقط يسقط حكم المرشد), بات من الواضح أن لم يكن على محمود بانجو أن ينتظر طويلا قبل جلوسه الموفق براس المكان.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد