;
الخضر الشيباني
الخضر الشيباني

يا أهل اليمن (اعتصموا بحبل الله جمعياً) 1515

2013-12-12 07:18:13


 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على البشير النذير، نبينا و قدوتنا محمد- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين-.. أما بعد:

فيقول الله عز وجل : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} (البقرة:214) .

وقال عز وجل : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة:155).

أخي القارئ الكريم:

إن إعادة التأمل في الآيتين السابقتين وغيرهما من الآيات الكثيرة المبثوثة في القرآن الكريم، تؤكد لنا أن سنة الله جارية {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً}(الأحزاب :62) ، {وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً}(الإسراء : 77).

وتؤكد لنا أن الابتلاء والاختبار بنقص الأموال والثمرات سنة جارية ، وتؤكد لنا أن الفوز بالجنة والنجاة في نهاية المطاف يحتاج إلى الكثير والكثير جداً في الصبر والتضحية.

وإن الجزاء في الآخرة يتفاوت بحسب ما قدم الإنسان ، لكن النتيجة المؤكدة: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}(الزمر:10).

إننا ندرك أن بلادنا الحبيبة تمر باختبار صعب، وبمنحى وأحداث يرقق بعضها بعضاً ، وندرك كذلك كما يدرك الجميع أن بلاد اليمن السعيد لم يعُدْ سعيداً ، وأن الأعداء قد تربصوا بها من كل جانب ؛ بل ومن داخلها.

لكننا ندرك في الوقت ذاته أن مشيئة الله وإرادته فوق كل مشيئة، وإن إرادته هي القاضية في نهاية المطاف.

وفي هذا السياق لا بد أن نذكّر أنفسنا بأن الخروج الحقيقي والطريق الأمثل للنجاة هو الالتجاء إلى الله عز وجل وحده والتوكل عليه وحده لا شريك له.

ومن استبدل معيّة الله وصحبته والتوكل عليه بالمخلوق الضعيف وكّل إليه، ومن وكّل إلى مخلوق ضعيف مثله أو إلى نفسه، فلا شك ولا ريب أنه سيضيق به الحال، وستصبح الأرض-بما رحبت- كأنها ثقب إبرة لا يستطيع أن يأخذ منها نفساً.

وهذا حال واضح بيّن؛ فكل من تمسّك بدينه ، وسعى لرضا ربه عز وجل ؛ يكون منشرح الصدر، واسع القلب، مرتاح الضمير؛ ومن كان بالضد كان حاله بالضد كذلك، قال عز وجل: {فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}(الأنعام:125).

لقد مرت بلادنا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة باختبارٍ صعب، ومحنة لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الذين عاشوها، ولا من ذاكرة التاريخ اليمني المعاصر.

وفي أحداث الأعوام الثلاثة الكثير والكثير من جوانب السوء، لكنها حملت بإذن الله أيضاً الكثير الكثير من الفوائد والإيجابيات، وربما يقول قائل: أين الإيجابيات، وأين الفوائد، وأين المنافع في ظل ما نحن فيه من القتل والتشريد للأبرياء، وما نعيشه من تدهور وخلل في مختلف الجوانب السياحية والاقتصادية والأمنية والعسكرية ، فضلاً عن غيرها من المجالات؟!

والجواب :

هل كانت هذه الأمراض غير موجودة قبل هذا الوقت، أم أنها كانت منتشرة بأقنعة شتى، وكانت تنخر في جسد البلاد والشعب من تحت الأرجل والأقدام ، وتضرب بطعناتها من خلف الظهور؟.

كان الجميع يقولون لبعضهم: الوضع مستقر والوضع سليم خلافاً لما هو عليه؛ فماذا كانت النتيجة؟؛ تراكم للخبث، وانتشار للفساد، وركون إلى الأعداء، وتسلط للذّل.

إن ملخص ما نود قوله في هذه العملية هو في الآتي:

أولاً: إن الشعور بالمرض- مهما كان خطره- أوّلُ الطريق للعلاج والقضاء عليه بإذن الله؛ لأن عدم الشعور والمعرفة يزيده تغلغلاً وانتشاراً.

ثانياً: ارتفاع صوت الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، والداعين لمحاربة المجرمين والمفسدين بجميع صورهم ومسمياتهم هو إيذانٌ بانتشار الخير وسيادته، بعكس السكوت والتراخي والتجاهل ؛ فإنه مؤشر لزيادة الفساد والإجرام والظلم.

ثالثاً: لم يصحّ في تاريخ الأمم والدول القديمة والحديثة أن التغيير إلى الأفضل يحصل بدون التضحيات وبدون الصبر وبدون وحدة الشعوب على مصالحها المشتركة، وهذا لا يمكن أن يتم إلا عبر مراحل من التمحيص والاختبار.

رابعاً : في منهج الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم-، لسنا مطالبين ولا مكلّفين بتحقيق النصر، فهذا أمر كوني يقدّره ربنا جل وعلا، متى شاء وكيف يشاء وعلى يد من يشاء.

والمطلوب منا فقط أن نقوم بالأمر الشرعي، وأن نقول و نفعل ما يحب الله لنا ورسوله الإتيان به.

وإذا رآنا الله عز وجل في المكان الذي يحب وافتقدنا في المكان الذي يكره؛ فقد تحققت لنا التقوى، وهي ما يريده الله عز وجل منا، وهو تبارك وتعالى أعلم بمن يستحق نصره وتمكينه.

أيها الأحبة الكرام:

كلما زاد الظلام قرب طلوع الفجر، وكلما اشتدت الكروب قرب الفرج بإذن الله.

ولذلك فإن الزاد الحقيقي في مثل هذه الأحوال هو الالتجاء إلى الله عز وجل، والإنابة إليه، والتوكل عليه، والثقة بنصره.

وينبغي أن يدرك الجميع أن توجه هذا الشعب بكلّيته وغالبيته إلى نصرة الحق ونصرة المستضعفين والمظلومين ، والأخذ على يد السفهاء والمفسدين ، ومنعهم من خرق السفينة ، أو الاستمرار في صناعة الثقوب في أرضها وجدارها ؛ هو الذي سيقود الجميع إلى ساحل النجاة وإلى بر الأمان.

إن الحادث الإجرامي الجبان الذي استهدف مجمع وزارة الدفاع ، بما فيه من موظفين وعاملين في مختلف الفئات والشرائح ، يؤكد لنا أن الخبث المتراكم في هذه البلاد كثير جداً ، وإن إزالة هذا الخبث يحتاج إلى تكاتف أبناء اليمن بمختلف فئاتهم؛ ليقفوا صفاً واحداً أمام من يستهدف أمنهم واستقرارهم، ويستهدف حاضرهم ومستقبلهم.

إننا لا نحمّل القوى الأجنبية والإقليمية المسؤولية، ولا نلومها بقدر ما نحملها أولئك الذين يتسمّون بأسمائنا، وينتسبون إلى هويتنا وديننا وبلادنا ، ثم نجدهم ينفّذون مخططات العدو ، ويرتّبون له مستقبل البلاد بحسب ما يريد !!

إن واجب حماية هذه البلاد من التفرق والتشتت والتشرذم ليس قاصراً على أعضاء الحوار الوطني ، ولا مجلس النواب والشورى ، ولا وزراء الحكومة ، ولا رئيس البلاد فحسب ، وإنما هو واجبٌ عيني على كل مسلم يمني يدرك أن سقوط هذه البلاد هو سقوط لقلعة من قلاع الإسلام ، وأرض من أرض الإسلام ، كانت وما زالت مدداً للأمة في كل القضايا الحقة والمطالب المشروعة.

إن مقتضى أداء الأمانة يدعونا إلى التناصح والتواصي لنصرة الحق ، والتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل في كل الميادين التي تحتاجها هذه البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

وينبغي أن ندرك أن اعتزازنا بديننا وعقيدتنا هو مفتاح النصر والتمكّن والأمن والاستقرار بعون الله وتوفيقه.

اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، واجعلنا هداة مهتدين، لا ضالّين ولا مضلّين.. اللهم سدد أقوالنا وأفعالنا وانصرنا على من بغى علينا.. وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد