باعتقادي أن التوافق الكبير الذي أبداه المؤتمرون من أعضاء الحوار الوطني قد قطع الطريق أمام المتربصين ممن غابت لديهم روح الوطنية والمسئولية ولم يترك فرصة لمن كانت تدور برأسه بعض الوساوس الشيطانية لإفشال المؤتمر برمته ـ وفي أقل الأحوال إفشال التوقيع على الوثيقة الأخيرة من مخرجات الحوار التي توافق عليها غالبية الأعضاء في موقف مسئول أثلج صدور الكثير من اليمنيين الذين كانوا يراقبون المشهد عن كثب وهم مشبعون بروح التفاؤل من هذا المؤتمر الذي اجتمع حوله كل اليمنيون عبر طاولة واحدة .

لقد استطاع المؤتمرون تفويت الفرصة عن أصحاب المشاريع الصغيرة من أولئك الذين كانوا يتحينون الفرص، ويصنعون المشاهد والمواقف للتملص من التوقيع على تلك النقاط التوافقية التي لا غبار عليها عند من يريد أن يكون مواطناً صالحاً داخل يمن ما بعد الحوار، يمن الأمن والسلام، وهذا النهج هو الذي جعل الأستاذ عبد الملك المخلافي يقطع الطريق عن ذلك الصوت النشاز المغرد خارج السرب الذي بدأ بالارتفاع يعلن في اللحظات الأخيرة وعند نقطة اللا عودة عن انسحابه وأعضاء تكتله بحجة واهية لا تسطيع أن تقف على أرض الواقع، يومها قال المخلافي بأن الشهيد/ أحمد شرف الدين كان قد أزمع أمره للتوقيع على الوثيقة وأنهم كانوا على تواصل معه حتى قبل مقتله بدقائق، وأخبرهم بأنه في طريقه إليهم للتوقيع، لكن حدث ما حدث من جريمة اغتيال، مكذباً بهذه الرواية التي يشهد عليها جميع أعضاء الفريق الذي كان ينتمي إليه الشهيد ما ذهب إليه من كان ينتوي الانسحاب بحجة أن الرجل لم يكن ليوقع على وثيقة بتلك المخرجات .

لكنني ومع ذلك لا بد هنا وفي هذه العجالة من الإشارة إلى بعض الأصوات التي بدأت تتحدث عن مرحلة التنفيذ والتي يجب أن تسودها روح الإخاء والمودة بحسب ما ذهب إليه أحد أعضاء المكونات التي كانت تنتوي الانسحاب في اللحظات الأخيرة ولست أدري ما المقصود بذلك؟ .

مثل هذا الكلام أعتقد أنه يخلق بلبلة لا داعي منها، ثم ما الداعي لأن ترتفع الأصوات بمثل هذه النبيهات في هذه اللحظة التاريخية التي يحتفل فيها الشعب اليمني بمنجزه التاريخي، بل إن مثل هذا الكلام يعود بنا للوراء وتحديداً إلى يوم التوقيع على المبادرة الخليجية التي تحدث فيها من تحدث بأن أهم شيء يكمن في التطبيق، ولم يكد الموقعون ينتهون من التوقيع إلا وبلبلة تسود المجتمع كان من نتائجها ضرب أبراج الكهرباء، وتفجير أنابيب النفط، وحوادث عنف هنا وهناك لم يعرف لها فاعلاً وإن كان معروف الهوية .

لا نريد من أ حد أن يستبق شيئاً عن تنفيذ مخرجات الحوار, فقط من أراد أن يتحدث عن مثل هذه التنبيهات التي بالمناسبة يراها البعض من المراقبين للمشهد بأنها تلميحات لأفعال قد ترتكب في المستقبل لن يكون من تحدث عنها بمنأى عن الاتهام والمسائلة وإلا كيف تحدث بها ويجرؤ أن يصرح بها ونحن ما زلنا في الخطوات الأولى من الإنجاز الذي لم نخرج من فرحته حتى الآن؟.

إن قال بأن ذلك من باب أخذ الحيطة والحذر نقول له وفر على نفسك هذا الحرص فلست بأ حرص على هذا الوطن من جميع المؤتمرين الذين توافقوا بكل مسئولية ووطنية على مخرجات الحوار الذي كنت أنت آخر من وقع على مخرجاته لما وجدت نفسك وحيداً بين المتوافقين بجميع تكتلاتهم .

اليوم يمر وطننا الحبيب بما يشبه حالة من النشوة نتمنى ألا تذهب هدراً، وألا ينغصها موتور سيتضرر من مخرجات هذا الحوار الذي تاق له اليمنيون بكل شغف.