;
شهاب محمد رسام
شهاب محمد رسام

اليمن .. شطيرة الأحباب بين شفرات التشطير 1430

2014-03-09 17:32:43


بعض العناوين البارزة في الصحف المحلية, عبارة عن جناح طائر سياسي يأخذك إلى سطور الأحداث والتصريحات المؤلمة بعيداً عن الوطن المنشود الذي طالب به الشعب اليمني ومازال يطالب به, لتكتشف أن الأفكار المناصبية المصلحية مازالت مخيمة على عقول البعض ممن يبحثون عن المصالح الشخصية لا عن الوطنية.
إن من يقرأ ويتابع ما أكتب في هذه الصحيفة سيظن أني أملك فكراً مغايراً لفكر الأحزاب أو أني أحمل عليهم حقداً دفيناً, لما أكتبه مراراً وتكراراً حولهم وحول مبادئهم التي يطبقونها باسم عملية بناء الوطن, وهذا بالعكس فالأحزاب وتعدديتها بالنسبة لي هي من العوامل المهمة في بناء الأوطان, ولكن في بلادنا تعتبر هي الألم الحقيقي الذي يعاني منه الشعب والوطن, ويجب على الجميع أن يدرك هذا وأن لا يساعدهم في التوغل أكثر.
أعتقد أن الوقت قد حان للشعب – في سبيل الحفاظ على الوطن - أن يرضخ أمام الأمر الواقع الذي نصبته التعددية الحزبية له كشِراكٍ واضح, وأن يترك المجال الآن للأحزاب أن تتقاتل فيما بينها على المناصب والحقائب الوزارية بعيداً عنه, وبعد أن يقضي كل منهم وطره ويسود هنالك الهدوء بينهم - وليس الهدوء في الوطن - فالوطن بأعمالهم تلك سيستمر على ما هو عليه إلى أجل غير مسمى, هنالك عليه أن ينصاع لأوامرهم التي تقضي بكيفية حياته وأسلوب معيشته كيفما كانت, والأمر عائد إليه إن أراد أن يقوم بثورة أخرى ضد ما يفسدون.
لا يسعنا إلا أن نبارك ما تقوم به الأحزاب اليوم بالحفاظ على الوطن الخاص بهم وليس اليمن لأن الوطن هنا بمفهومهم لا يعني الأرض أو البلد بل يعني لهم شيء آخر هو المال أو المنصب أو شيء من هذا القبيل, وكل من انتهى ماله أو ذهب عنه منصبه فقد انتهى وطنه وعاد يبحث جاهداً عن وطن مالي أو مناصبي آخر.
نظراً إلى الثورة الشبابية التي لم تنته بعد, وعندما ينظر أحدنا إلى ما يحدث من صراعات حزبية حول اقتسام المناصب والوظائف بعيداً عن الشعب ومصلحة الوطن يشعر وكأنّ الشعب لم يَثُرْ ضد الفساد والفاسدين, ولكنه في كل ذلك الحماس الثوري والمواجهة الصادقة كان بمثابة عمال مناجم الذهب المكرهين على العمل في البحث والتنقيب مقابل الحرية.
وحين وصل إلى ما يبحث عنه بعد زمن طويل من الجهد والعناء, رآه المتسلطون ظلماً وعدواناً ووثبوا هنالك متقاتلين فيما بينهم يقتسمون ما وجد الشعب من ثروة, بينما الشعب يصيح بأعلى صوته لهم "لقد وجدت ما أردتم فأعطُوني ما أريد" ولكنهم هناك صم لا يسمعون ولا حياة لمن تنادي.
في الحقيقة إن هذه الفترة الثورية التي تمر على اليمن وشعبه هي بمثابة صفيحة من الحديد الصلب, أُوقِد تحتها النار ووضع الوطن في الوسط كشطيرة يقلبها الأحزاب والفرقاء بأدواتهم الخاصة وأكثر ما استخدموا لذلك هو الشعب كونه أداة فعالة وعامل مساعد في سرعة الإنضاج, بأيديهم شفرات حادة تحمل ماركات دولية مختلفة, ينهالون بها على الوطن وثرواته وكل منهم يقطع لنفسه شطراً ومن أي اتجاه كان, دون رحمة أو شفقة والسابقون هم أولوا النصيب الأكبر.
أصبح الشعب هناك مرمياً على طاولة النسيان ينظر بقلب حزين إلى أولئك الجوعى يتشاطرون الوطن, كل منهم يصرخ بأعلى صوته يبحث عن الشطر الأكبر والأجود, كلهم أعداء بعض يتبادلون القطع فيما بينهم باسم الإيثار, ولو سألت جيوبهم وغرائزهم بعد الانتهاء "أنْ هل اكتفيتم؟" لأجابوا بصوت واحد "أنْ هل من مزيد؟".
عندما تقرأ عن أولئك في وسائل الإعلام أو تسمع من بعضهم أو من بعض مقربيهم وجهاً لوجه فإنك تجد أنهم يتهجمون على الشعب دون حياء أو خجل عن كيفية الخلاف والجدل على المناصب والحقائب الوزارية فيما بينهم وكيف أنهم يريدون اقتسام ذلك بالتساوي؟, هذا مثَل يُثبت للعالم أنهم يتقاسمون تركة ورثوها عن آبائهم أو أرباح مشتركة لمشروع تساهمي وليس ما يتقاسمونه هو مصير الشعب.
لوكان هؤلاء يبحثون عن مصلحة الشعب والوطن لارتضوا بأي شخص يشغل ذلك المنصب المختَلَف عليه مهما كان انتمائه الحزبي, وليقف البقية كلهم عيناً واحدة ترقب عن كثب كيفية أداء واجبه في هذا المنصب وأن يكونوا يداً واحدة تمسك به إن أراد الخروج عن مصلحة الوطن ولا يسمحون له بالعبث والفساد وهكذا تطبق الأعين والأيادي على كل منصب أو وظيفة, والأمر ليس بتلك الصعوبة التي يتخيلها البعض.
ليس هذا فحسب, ولو كان الأمر يقتصر على الأحزاب فقط فإن هذا يهون لأن كل حزب سيخدم نفسه وسيضطر إلى كسب أكبر جزء من الشعب إلى جانبه, ولكن ما هو أدهى أن الدول الخارجية تتزاحم بشفراتها الحادة ذوات الأفكار المختلفة إلى جانب الأحزاب وتعمل كحَكَمٍ قوي يريد أن يجامل الجميع في التقسيم والتشطير, وفي أثناء غفلة الأحزاب وانشغالهم بالتحاصص, فإن بعض تلك الدول تبحث عن القسم الأكبر كــ(حضرموت مثلاً) وإن أتيح لها الأمر ستأخذ الجنوب بكامله مقابل أتعاب المساعدة.
الدول ذات الشفرات السامة, التي تضع نفسها في الواجهة وتشغل بالها في اليمن وشعبه وكأن اليمن هي القضية الأولى في العالم العربي والإسلامي, لا تبحث عن أمن اليمن بل تبحث عن مصالح شخصية تموت اليمن بالحصول عليها, لكن هيهات لما يطلبون!.
 وأما الدول التي تراقب اليمن وتدعم الإرهاب باسم الدين والولاية أو الإمامة فإنها ستموت هماً ولن تحصل من اليمن إلا على لعنة الشعب والتاريخ والوطن وستُجهضُ مطامعها كلما تكونت في رحم الشيطان.
شهاب محمد رسام
Shehabrasam2@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد