;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الخارج أرحم من الداخل..!! 1688

2014-03-10 10:31:36


يؤيد مجلس الأمن وبشدة استكمال عملية الانتقال السياسي في اليمن ؛ إذ أكد دعمه المبدئي لهذا الانتقال الذي ستكون مرتكزاته الأساسية القادمة خمس مسائل جوهرية, أُولاها: صياغة دستور جديد للدولة الجديدة, وتاليها: تنفيذ الإصلاح الانتخابي بما يشمل صياغة واعتماد قانون انتخابي يتفق مع الدستور الجديد .

و ثالثها: إجراء استفتاء على مشروع الدستور والتعريف به بالشكل المناسب ، ورابعها: إصلاح بنية الدولة لإعداد اليمن للانتقال من دولة وحدوية الى دولة اتحادية . أما خامسها: فتمثل بإجراء الانتخابات العامة في الوقت المناسب على أن تنتهي بعدها ولاية الرئيس هادي الحالية عقب تنصيب الرئيس المنتخب بموجب الدستور الجديد.

قرار المجلس - وهذا هو المهم - مثَّل استجابة لحالة وطنية وداخلية وسياسية يستلزمها مساعدة الهيئة الاممية. ففي ظرفية حرجة كهذه التي باتت فيها الدولة اليمنية ونظامها السياسي ومؤسساتها وسلطانها المحدود مهددة جميعها بالانهيار والسقوط والتفكك ؛ فإن الحديث عن تفريط بالسيادة وعن وصاية وارتهان للخارج وعن مؤامرة دولية لا أظنه سوى كلامٍ عبثي وسفسطائي لا قيمة له أو نفع إزاء واقع مختل لا تستطيع الدولة فيه بسط نفوذها وسيادتها كاملة على عاصمتها صنعاء من دون مساعدة الخارج لها .

 فكيف إذا ما قلنا بأن هذه الدولة مازالت غائبة فاقدة القدرة والاداة وكذا الارادة السياسية المجسدة لهذه الدولة الاتحادية الديمقراطية التي توافقت النخب عليها نظرياً؛ فيما تطبيقها في الواقع العملي يواجَه بتصلُّب واستماتة القوى التقليدية المهيمنة تاريخاً على مقدرات الدولة وقوتها ونفوذها واقتصادها وإعلامها وخزينتها .

ليس لدينا دولة كي نتمكن من استساغة اختراق السيادة ! ليس هنالك سلطة وقوة ومؤسسة ونظام بمقدوره التعبير عن ذاته ووجوده المنحازين لخيار الدولة الوطنية المسؤولة كليا عن مجتمعها ومساحتها . ومع سوء الحالة وترديها تقرأ وتسمع من يشطح ويقفز في قلقه وفزعه على اليمنيين ودولتهم من هذه الوصاية الدولية وتبعاتها الوخيمة ولكأن الاثنين الدولة والشعب ينعمان بكل سُبُل الرفاهية والأمان والنظام والسيادة .

اليمن ومعاناتها الاقتصادية والامنية والإنسانية هي من أقحم المنظومة الدولية ومعها دول الخليج كي تتدخل في أزمتها السياسية الناجمة عن عقود بل- قولوا- قرون من الهيمنة المستأثرة المبددة لكل مقدّرات وخيرات البلد .

ما يقلقني بحق هو تدخلات دول الإقليم وعلى وجه الدقة تدخلات الشقيقة الكبرى التي أعدها أخطر بكثير من تدخلات دول أوروبا وأمريكا ، فعلى أقل تقدير الغرب وأمريكا إذا ما خُيّر الاثنان بين الدولة والنظام والمؤسسة والتنظيم الحزبي وبين القبيلة والطائفة والفوضى فبكل تأكيد سيكون انحيازهما للدولة والنظام لا للقبيلة والفوضى .

نعم ثار اليمنيون على النظام العائلي القبلي العسكري ،لكنهم وبُعيد ثورتهم الشعبية العارمة تجلت لهم الحقيقة أكبر وأشمل من مجرد إسقاط نظام وإحلال نظام ؛ إذ كانت الايام والأشهر التالية لانتفاضتهم قد عرّت وكشفت ما غفلوا عنه وظنوه دولةً ونظاماً ومؤسسة وقوة وإذا بثورتهم هذه على النظام لم تكن سوى مستهل لثورة مبتغاها أكبر وأهم ويتعلق بإقامة الدولة ومؤسساتها وسيادتها ، ولهذا السبب الموضوعي والمنطقي كان ولابد من طلب مساعدة دول والإقليم والعالم .

فحين تتعلق المسألة بالدولة ومؤسساتها ونفوذها ونظامها وحتى أعرافها وتقاليدها الغائبة المفقودة يصير الكلام في مثل هذه الحالة عن السيادة والشرعية والمشروعية والوصاية والتبعية وغيرها من المفاهيم المتعارَف عليها وطنياً ودولياَ وقانونيا وسياسيا ليست إلا مغالطات مضللة مُربِكة, مضاعفة للأزمة أكثر من اعتبارها حلاً ناجعاً وواقعيا للمعضلة المزمنة التي هي نتاج غياب للدولة الجامعة المسؤولة عن كامل المجتمع والجغرافيا.

في أول رد فعل للرئيس صالح وصف قرار مجلس الأمن بأنه عودة باليمن الى عهود الظلام والاحتلال " كأن اليمن في عهده الميمون بلغت ذرى الحداثة والقوة والرفاهية ! هوسه ونرجسيته أفقدته بصيرة التمييز ما بين أن يكون معارضا للقرار وبين أن يكون رئيسا سابقا مسؤولا عن هذه الوضعية الرخوة المضطربة الناتجة في الاصل عن حكمه الذي امتد لثلث قرن, توافرت فيه فرص وإمكانية لم تُتَح لِسواه من الحُكام ، لكنه ومع كل ما تم ذكره لم يكن همه وفعله إقامة دولة حقيقية؛ كي يُطل على اليمنيين كرئيس غيور وقلق على وطنه وشعبه المنتهكين بفظاظة ومن جهة أعلى سلطة دولية .

الخارج ليس شراً أو خيرا مطلقا ، فضلا عن أن هذا الخارج بات متغلغلا ومؤثرا في أدق تفاصيل الحياة اليومية للإفراد والمجتمعات . تدخل الخارج في حالة اليمن كان ضرورة حتمية فرضتها معطيات وطنية ودولية كما واليمنيون وساستهم ونخبهم هم من أقحم مجلس الامن كي يتحمل مسؤوليته الاخلاقية والقانونية والانسانية حيال بلدهم الذي يخشى عليه من السقوط والانهيار الوشيك بحيث يترك لقمة للتناحر الاهلي .

ففي حال ترك أمره ومصيره للقوى الداخلية ذاتها التي نراها الآن مستنفرة لكل قواها وإمكانياتها المحاربة للغرب وأطماعه وانتهاكه سيكون من شأن هذا إعادة البلاد والعباد الى كنف القوى المسيطرة المقوضة لثورات الماضي ولفرصه التغييرية التي كان لتصادمها مع مصالح هذه القوى القبلية الاوليغارية المتحكّمة بكامل مقدرات الدولة الناشئة وبزمام قرارها سببا كافيا لإخفاق القوى الثائرة المؤمنة بقيم ومبادئ الدولة العادلة .

هذه القوى المستميتة حالياً في جبهة ظاهرها الغرب وأمريكا فيما باطنها الفزع والخوف والرفض للدولة ونظامها واستقرارها اعتبر مناهضتها لتدخل الخارج أمراً اعتياديا ومقبولا فلا أتوقع منها غير الاستماتة؛ كي يبقى الخارج بعيدا عن الداخل .

 فبرغم أن عزلهما عن بعضهما يُعد مسألة مستحيلة التحقق خاصة في زمن مثل الذي صارت فيه مصالح دول العالم أقرب الى بعضها من أي حقبة مضت إلا أن المؤسف هنا كامن في مواقف بعض النُّخب المغردة في فضاء مخاوفها من الخارج, فيما الواقع يؤكد بأن جمهورياتنا وثوراتنا وديمقراطيتنا وسيادتنا وحدودنا واقتصادنا ودستورنا وإعلامنا وحتى أدميتنا المهانة في أوطاننا ما هي سوى مفاهيم وافدة ولولا هذا الخارج لما نجحت ثورة أو قامت نهضة أو احترمت آدمية .

قلت في مناسبات عدة بأنه لا خشية على اليمن وأهلها من الخارج ، فهذه البلاد غارقة في أتون أزمات داخلية اقتصادية وسياسية ومجتمعية وبنيوية لا يُخاف عليها أكثر من إهمال الخارج لها وأكثر من ترك مجتمعها الفقير المنهك المتخلف الممزق لقوى الداخل كي تعبث به وكي يبقي هذا الشعب رهناً لصراعات ونزوات واستئثار أقلية فاسدة مهيمنة لا ترى في مساعدة الخارج للداخل سوى أنه هدمٌ ونسفٌ لتاريخ طويل من العبث والفوضى والاضطهاد والنهب والسلب والقهر والخوف وسواها من مفاهيم ما قبل الدولة والمواطَنة والنظام .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد