أطلقها الطفل الصغير الأسمر بوجهي منفعلاً! هل لي بأن تعطيني قلماً ؟ لم أكترث للأمر في البداية تحسست محفظتي بأناملي أبحث عن مبتغاه من هذا السؤال الذي لم يصادفني إطلاقاً من طفل بمثل سنه، ولكن للأسف عادت يدي خائبة بسبب أن أحدهم أخذ قلمي مسبقاً.
خطر ببالي أسئلة كثيرة حينها لماذا لم يسألني هذا الصغير إلا قلماً ؟ قد يكون جائعاً ؟ وقد يكون بغير مأوى، وقد يكون يتيماً، وأن من لا يجد قيمة القلم فكيف له ببقية مطالب الحياة الأخرى، وكأنه عرف الطريق الذي سيخطو به ليعبر حالته ومعيشته الصعبة التي يعيشها الذي هو طريق العلم.
ألم يقسم الله بالقلم: ( نون، والقلم وما يسطرون )، وحده هذه الطفل عرف هذا السر بينما يتغافل مسئولينا عن هذه الحقيقة ، يالله كم في رصيف التشرد والضياع في بلدي من حكماء، وحين استرسل أحد الرفقاء من الحاضرين في الموقف بسؤال الطفل لماذا أنت بحاجة إلى قلم ؟ أجاب: لقد فرض علينا الأستاذ بالمدرسة كتابة الواجب سورة الشمس وأريد أن أكتبها .
سجل يا زمن ما يعيشه أطفال اليمن في عصر الأيباد والتاب والكمبيوتر والأنترنت والأقلام الإلكترونية من حكومات تهتم بجيل الأطفال ممن وفرت لهم البيئة التعليمية والسكن والتغذية المناسبة ممن أصبح الأطفال في بلدان أخرى يستغنون عن حمل الحقيبة المدرسية بالاكتفاء بالألواح الإلكترونية ( الآيباد ) والبريد الإلكتروني في كتابة وإرسال الواجب المدرسي .
إننا نعيش في الزمن الخطأ نقتات على الحسرات والتأوهات صباح مساء ونحن نشاهد مآسي وجراحات تنكأ ضمائرنا وتوخزها بتكرار علها تصحو لتأخذ بنا نحو إنسانيتنا التي افتقدناها لنحقق أحلام وتطلعات الشعب ونحن على إثر ثورة لم يكن شرارتها إلا أمثال هؤلاء الضعفاء والمساكين .
ألم يقل الله –عز وجل- في كتابه حين بعث بنبيه موسى إلى فرعون وملائه : ( أن أرسل معيَّ بني إسرائيل ولا تعذبهم ) أطلق سراحهم من عبودية السلطان بسبب الفقر والحاجة، وأن لا تعذبهم، رحمة، إنسانية شفقة كونه رأى فرعون وهو يذبح الأطفال ويستحي النساء وهو ما يكشف عن مدى فداحة الظلم حين يصل مداه إلى هذين الشريحتين.
فكم نحن بحاجة إلى تثوير مشاعرنا وأحاسيسنا للانتصار لأطفال الشوارع ، ونساء الأرصفة الذين هم ثمرة من ثمار مرحلة الفساد والاستبداد الذي حول بلدنا ومواردها إلى ملك خاص للملك وحاشيته.
فهل تصل رسالتي هذه إلى رئيس الجمهورية وإلى مسئولي الحكومة ودعاة حماية الطفولة والمنظمات المعنية بحقوق الطفل لإيقاف الانتهاكات بحق الطفولة الضائعة في اليمن.
يوسف الدعاس
هل لك أن تعطيني قلماً ؟ 1401