يبلغ متوسط الأعمار في اليمن 17 عاماً ولذلك فإن الشباب في هذا البلد هم من سيشكل وسيحمي اليمن الجديد. تبقى الأمم المتحدة ملتزمة بالوقوف مع الشعب اليمني ومساعدة الشباب في هذا البلد في عملهم الصعب والجاد الواعد من أجل بناء المستقبل المنشود.
منذ خروج الشباب إلى الشوارع في عام 2011م مطالبين بالعدالة والإنصاف ارتفعت مشاركة الشباب وتمثل ذلك في مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني والتي كانت مشاركة تحلت بالالتزام والحكمة وقد شملت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ذات الصلة بالشباب التوصيات المتعلقة بالتمكين السياسي والتعليم والتمكين الاقتصادي.
وعلى المستوى السياسي نصت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني على إنشاء هيئة مستقلة جديدة تتولى القيام بتوجيه والإشراف على السياسات العامة ومراقبة تنفيذها وسيتم ذلك من أجل ضمان حماية الشباب من المخاطر الاجتماعية والصحية والعنف ولوضع سياسات وآليات واضحة لمشاركة الشباب ولإشراكهم في صنع السياسات العامة.
فيما يتعلق بالتعليم تنص المخرجات على تشجيع المساواة بين الجنسين وتحسين الفرص التعليمية للشباب في اليمن في مختلف أنحاء البلد مع وجود الحق في التعليم المجاني ذو الجودة العالية والتعليم الإلزامي في المراحل الأساسية لكافة اليمنيين كما تُلزم المخرجات كذلك الدولة بأن توفر الحوافز المناسبة والبيئة الصالحة لضمان تعليم الفتاة.
فيما يتعلق بالتوظيف تشتمل توصيات مؤتمر الحوار الوطني نصوصاً تتعلق بإنشاء صندوق تنمية المهارات من أجل تحقيق توظيف الشباب المؤهل المدرب بطريقة لا مركزية وفي هذا الصدد تعمل الأمم المتحدة حالياً على تحديد المعوقات التي تعيق مكافحة الفقر مع التركيز بشكل خاص على توظيف الشباب والمرأة وتحسين سبل العيش في الريف. خلال الأسبوع الماضي تم عقد لقاء لحوالي مائتي شخص معني معنيين بمكافحة الفقر المتفشي في إب وتعز وذلك من أجل تحديد المعوقات التي تحول دون تحقيق التنمية في هاتين المحافظتين. إنني واثق من أن الشركاء الذين التقوا في ذلك اللقاء يستطيعون كشف الاختناقات والمعوقات من أجل معالجتها بالشكل الأمثل وكأمم متحدة فإننا ملتزمون بالعمل المشترك معكم لإزالة المعوقات التي تحول دون التنمية آخذين دائماً في الحسبان مخاوف الفقراء والفئات المهمشة.
من خلال المسح الذي يجري تنفيذه حالياً وبفضل الجهود الوطنية لكافة شركات الهاتف النقال في اليمن طرحنا السؤال التالي على المواطنين في اليمن: ما هي الأشياء التي تهمك في المستقبل؟ من خلال الاتصال برقم 2015 مجاناً تمت دعوة كافة مشتركي الهاتف النقال في اليمن للتعبير عن رأيهم. حتى هذه اللحظة شارك في التصويت 215,000 مواطناً نصفهم تقريباً من الشباب في الفئة العمرية ما بين 16 و 30 عاماً. لقد وجدنا أن الأولويات الرئيسية للشباب هي "التعليم الجيد" ويلي ذلك "فرص عمل أفضل" و "الحكومة المستجيبة".
مرة أخرى يطيب لي أن أعيد التأكيد على التزامنا بدعمكم نحو تحقيق ذلك المستقبل ولضمان أن تلك الأولويات التي عبرتم عنها يتم الإنصات لها في اليمن وفي الدول الأخرى. إن أحد النتائج الهامة التي خرج بها المسح حتى الآن هي أن اليمنيين في الفئة العمرية ما بين 16 و 30 عاماً يشددون أكثر من غيرهم على المساواة بين الرجال والنساء أكثر من كبار السن الأمر الذي يجعلني مطمئناً على مستقبل هذا البلد حيث سيكون هناك مكان لنصف المجتمع وهي المرأة للمشاركة في الحياة العامة.
إن عنوان الاحتفال هذا العام باليوم العالمي للشباب هو الصحة العقلية.. كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك اليوم فإن إحدى المطبوعات الجديدة الصادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى أن 20 بالمائة من الشباب في العالم يواجهون مشاكل تتعلق بالصحة العقلية كل عام وهو يدعو لنوع من الانفتاح فيما يتعلق بقضايا الصحة العقلية ويشير كذلك إلى أن الشباب المعرضين للخطر مثل الشباب في نظام عدالة الأحداث والشباب الأيتام وأولئك الذين عاصروا نزاعات هم عادة أكثر تأثراً بوصمة العار وبالمعوقات المرتبطة بقضايا الصحة العقلية أكثر من غيرهم الأمر الذي يجعلهم يصبحون بلا هدف بينما هم أصلاً أكثر من يحتاج إلى الدعم والمساعدة.
في اليمن أدت الأحداث الأخيرة إلى إيجاد ضغط كبير على المواطنين حيث واجه العديد من الشباب خسائر شخصية وتعرض الشباب للخوف على يومهم وغدهم.. إن الوضع الأمني الهش وغلاء الأسعار ومعدلات البطالة العالية تجعل من الضرورة أن تتحلوا بالصبر والإصرار على مطالبكم للمستقبل الذي تنشدوه..
إنني لا أستطيع أن أتخيل المصاعب التي واجهها العديد منكم وإنني أقدر عالياً روح الصمود الذي أظهرتموها وتظهرونها. إنني مرة أخرى أؤكد لكم على دعمنا كأمم متحدة لكم للاستمرار في العمل تجاه المستقبل الذي يتمتع فيه الجميع بالتعليم الجيد وفرص العمل والتمتع بطيب العيش بلد يحل فيه السلام. وفي هذا الصدد وانسجاماً مع ما عبر عنه الأمين العام فإنني أشجع على الانفتاح تجاه قضايا الصحة العقلية وذلك يتطلب منا أن نحمي وأن نحترم الآخرين لأن ذلك الانفتاح سوف يسهل علينا العوائق الفردية وسوف يساعدنا على معالجة الجروح بالرغم من أن بعض الجروح قد تبقى. وعلى مستوى آخر ومن أجل أن تتعافي اليمن بشكل كامل كشعب فإنني أؤكد لكم مجدداً على التزامنا كأمم متحدة بدعم تحقيق الشفافية والانفتاح فيما يتعلق بالمظالم التي حدثت والتي ساهمت في حدوث المآسي الفردية للكثير من الأشخاص في هذا البلد.
وأخيراً وفي هذا اليوم يطيب لي أن أهنئ الشباب في هذا البلد على ما حققوه من إنجازات وعلى التزامهم الرائع بتحقيق كافة طموحاتهم من خلال التحلي بالصبر والعمل الدؤوب. إنني واثق من أنكم جميعاً وبغض النظر عن الأوقات الصعبة سوف تشهدون مستقبلاً مزدهراً لكم جميعاً لأن اليمن كانت مزدهرة على مر العصور. إننا نحن كأمم متحدة نظل دائماً في خدمتكم من أجل تحقيق هذه التطلعات لكافة السكان الذين يعيشون في هذا البلد.
المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن
باولو ليمبو
يوم الشباب العالمي 1357