;
رأي اليوم
رأي اليوم

اليمن يزحف بسرعة نحو النموذج الليبي 910

2014-10-11 15:13:04


التفجير الانتحاري الذي استهدف تجمعا للحوثيين (انصار الله) في صنعاء صباح (الخميس) وادى إلى مقتل 45 شخصا وإصابة العشرات قد يكون العنوان الأخطر لمرحلة دموية زاحفة إلى اليمن تنهي ثلاث سنوات من الاحتجاجات السلمية، وتضع البلاد في عمق حرب أهلية مدمرة.

التفجيرات الانتحارية ليست جديدة على اليمن، ولكنها كانت تستهدف في الماضي إما سفارات أجنبية أو تجمعات لقوات الجيش، ولكنها المرة الأولى تقريبا التي تستهدف تجمعا مدنيا لتنظيم “انصار الله” الحوثي كان بصدد التظاهر احتجاجا على السلطة ورئيسها الذي وصفه زعيم هذا التنظيم بانه بات دمية في يد السفير الأمريكي.

في أيار (مايو) عام 2012 شهدت صنعاء تفجيرا انتحاريا استهدف عرضا عسكريا أدى إلى مقتل العشرات، واعلن تنظيم “القاعدة” في حينها مسؤوليته عنه، فهل يقف التنظيم نفسه خلف تفجير اليوم؟

كل المؤشرات تشير في هذا الاتجاه، فتنظيم “القاعدة” أعلن أكثر من مرة عزمه مقاومة التيار الحوثي “الشيعي”، حسب توصيفه وإخراجه من العاصمة صنعاء التي سيطر عليها قبل بضعة أسابيع.

اليمن كان يعيش أزمة والان فرخّت هذه الأزمة أزمات أكبر وأكثر خطورة، ويبدو أن شبح الحرب الأهلية والصدامات الدموية الانتقامية الذي كان يخشاه كل اليمنيين على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية بدا يتحول إلى حقيقة مرعبة ماثلة للعيان.

المشكلة تكمن في وجود رئيس ضعيف على راس السلطة يحكم بلدا ممزقا طائفيا وعرقيا، جيشها ضعيف منهار ولاءاته قبلية ومناطقية، وتتدخل قوى خارجية عديدة في شؤونه، سواء من دول الجوار (السعودية ودول الخليج) أو من الخارج (ايران وأمريكا وتركيا) وهذه كلها تشكل عناصر وصفه كارثية.

الرئيس عبد ربه منصور هادي وقع اتفاق “السلم” مع التيار الحوثي الذي يسيطر على العاصمة بالقوة، ومن شروط هذا الاتفاق تعيين مستشارين اثنين للرئيس واحد من التيار الحوثي وآخر من الحراك الجنوبي، وتشكيل حكومة من الكفاءات، وانسحاب “انصار الله” الحوثيين من العاصمة.

الرئيس التزم بالشق الأول من الاتفاق، وعين المستشارين، وبعد مشاورات مكثفة قرر اختيار مدير مكتبه السيد احمد عوض بن مبارك رئيسا للوزراء، ولكن التيار الحوثي اعترض على هذا التعيين واعتبره رضوخا لإملاءات أمريكية.

السيد بن مبارك بادر فورا إلى تقديم استقالته والاعتذار عن قبول التكليف “حرصا على وحدة الصف الوطني، وحرصا على تجنيب الوطن أي انقسامات أو خلافات”، ومقابل هذا الاعتذار وافق الحوثيون على وقف الاحتجاجات مبدئيا، ولكن الاحتجاجات كانت في طريقها للانطلاق على أي حال.

الدولة اليمنية، وباختصار شديد، انهارت، وفشلت كل محاولات ترقيعها من قبل الرئيس أو القوى الإقليمية والخارجية الداعمة له، واصبح اليمن ينزلق بسرعة إلى النموذج الدموي الليبي، وقبله الصومالي، ومن يرى غير ذلك يغالط نفسه قبل أن يغالط الآخرين.

التيار الحوثي تيار يمني بالدرجة الأولى، وحصوله على دعم خارجي لا يعيبه، فمن في اليمن لا يتلقى مثل هذا الدعم، كما أن المظالم التي انتفض من اجل رفعها عن الشمال المهمش أو الجنوب المقصي كلها صحيحة ومعيبة في الوقت نفسه، ولكن لجوء هذا التيار إلى العنف، واقتحامه العاصمة صنعاء، والاستمرار فيها مغامرة خطيرة لا يمكن أن لا تواجه بمعارضة قوية وبالمستوى نفسه والقدر نفسه للأسف.

السيد عبد الملك الحوثي قائد “انصار الله” الحوثي، حظي بشعبية كبيرة داخل صنعاء وخارجها، عندما تبنى المطالب الشعبية في مقاومة الفساد وتخفيض أسعار المحروقات، ولكن خطاه الكبير من وجهة نظر الكثير من المراقبين أنه أعتقد أن بإمكانه الإمساك بدائرة صنع القرار وحده، وعدم السعي بجدية نحو الشراكة.

قد يرد البعض على هذه المقولة بانه مد يده إلى حزب الإصلاح اليمني المعارض من اجل المشاركة والمصالحة، ونسق مع الحراك الجنوبي، وتعاون مع تيار الرئيس السابق علي عبد الله صالح (حزب المؤتمر) ومؤيديه في الجيش اليمني، وكل هذا صحيح، ولكن المشكلة انه كان عليه أن يعي أن هناك تيارات أخرى، وان اليمن منقسم طائفيا وقبليا، وان هناك من يرفض التعايش مع التيار الحوثي، ويتطلع للانتقام.

الرئيس عبد ربه منصور هادي كان يجب أن يكون اكثر حكمة ودراية بما يجري حوله، وان يقرا تطورات الأحداث بطريقة صحيحة ومتعمقة، وان يختار شخصية وطنية يمنية موضع إجماع أو شبه إجماع شعبي لتشكيل حكومة الكفاءات، وبما يؤدي إلى الحصول على اكبر عدد ممكن من المساندة لهذه الحكومة، ولكنه لم يكن موفقا في الاختيار، سواء كان قرار الاختيار له وحده، أو إملاء من الخارج.

اليمن بحاجة إلى رئيس قوي، وجيش قوي، وحكومة توافق وطني، ومصالحة وطنية مثلما هو بحاجة إلى وقف التدخل في شؤونه الداخلية من جيرانه وغير جيرانه الذين يتصارعون على أرضه، ويستغلون أزماته وفقره، لتجنيد الأدوات التي تخدم مصالحهم وصراعاتهم لهزيمة أو إضعاف خصومهم.

ربما يكون الكلام السابق مجرد تمنيات تجاوزتها التطورات على الأرض، وهذا صحيح، ولكنها ثوابت أساسية يجب احترامها، والأخذ بها إذا أردنا أن يخرج اليمن من الأزمة ويقلص خسائره، قبل أن يتسع الخرق على الراقع.

لا احد يستطيع لن يحتكر اليمن، أو يحكمه لوحده، فاليمن لكل أبنائه في الجنوب والشمال والوسط، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع دون استثناء، ومثلما تعايش الجميع تحت خيمته في اطار الحد الأدنى من المساواة، فان لا بديل عن استمرار هذا التعايش إلا العنف الدموي والتمزق والمزيد من الانهيار، ولنا في ليبيا والصومال والعراق وسورية أسوأ أمثله.

اليمن اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى حكمته المأثورة، والى عقلائه الذين يملكون أسرار هذه الحكمة وجيناتها، وما زالت هناك فرصة، ولو ضئيلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأول خطوة في هذا الطريق انسحاب كل المسلحين من العاصمة صنعاء حتى تظل عاصمة للجميع وأرضية للقاء والحوار والتعايش المشترك، تطبيقا للاتفاقات الموقعة، وآخرها اتفاق “السلم” بين الرئيس و"أنصار الله".

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد