بناء الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية الحديثة عملٌ يستوجب الاتفاق، ويستدعي الالتقاء على أسس البناء وثوابت الإعمار، المحفزات لقطاع واسع من المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية كي تدلي بدلوها في معمعة البناء والإعمار الوطني الشامل وتقدم رؤاها وتصوراتها وبرامجها النظرية والعملية عن ذلكم البناء وهذا الإعمار هذا فضلا عن رسم معالم في الطريق لمحددات الفعل الوطني من أجل تجاوز راهن الحال الوطني وجميع ذلك لن يتأتى إلا من خلال نوايا حسنة مشحونة بعزائم فولاذية تقهر المستحيل ولا تعرف كللا أو مللاً على درب الإصلاح والتنمية والبناء والإعمار الوطني.
ولأن راهن الحال اليمني لا يسر عدواً ولا يفرح صديقاً جراء تدهور الأوضاع العامة في البلاد واهتراء شبكة التواصل الوطني لقاء الأزمات الخانقة والمتنوعة على طريق التسوية السياسية العادلة واستكمال المرحلة الانتقالية وتباين وجهات النظر والأقوال والأفعال إزاء ما يعتمل في الساحة الوطنية، كان لزاما على شتى المكونات والمجاميع السياسية والاجتماعية والثقافية استشعار حجم المسؤولية التي تستدعي تغليبا للمصلحة الوطنية العليا للبلاد دون عداها من المصالح والمكاسب الفئوية والجماعية وعدم استغلال الأحداث وتوظيفها في الكشب السياسي القذر الذي يعد مقدمة للآفات العديدة والهوام المفجعة.
على أنه من المستحسن ان نجتمع على الوطن وأن نختلف فيه رافعين شعارا عمليا مفاده لكل حزبه والوطن للجميع حيث يجب أن نعلم أن غياب الثقة فيما بين المكونات والمجاميع والتنظيمات السياسية والحزبية وتفشي فحش التآمر على بعضها إنما هو خيانة عظمى للوطن إن لم تكن خيانة عظمى لله ورسوله الذي يدعونا في كتابه العزيز إلى التآلف ونبذ الفرقة والاعتصام بحبله المتين الذي يعني لزوم الجماعة جماعة المسلمين( وذلك فيما قاله ابن مسعود) قال تعالى( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وقال سبحانه( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا)، ناهيك عن الاحاديث النبوية الكثيرة.
ويداعب قلبي المرهف التواق لحياة الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي شعوا وثابا يبلور حقيقة هامة وحساسة تنزوي تحت جدران الوعي والفضيلة حيث تؤكد أن منابع وآبار الأزمات الخانقة والإحتقانات الشديدة والإرباك السياسي والاجتماعي والعلة الاقتصادية والفكرية والثقافية مردها جميعا إلى حزمة الأخطاء التي ترتكبها بعض التيارات والمكونات والمجاميع السياسية والحزبية سواء كانت في السلطة أم كانت في المعارضة ذلكم أن أزماتنا السياسية والأخلاقية والاقتصادية التي نعيشها حاليا هي عبارة عن تراكمات مسبقة لنظام الحكم السياسي السابق بكل أخطاءه نوعا وحجما إذ ينبري شعبنا اليمني العظيم إلى سداد فاتورة باهظة من قوت يومه وإشراقة حياته وألم جوانحه.
فنلخص إلى حقيقة دامغة تؤكد على المسؤولية الجماعية المشتركة بين السلطة والمعارضة, فالمعارضة هي سلطة الظل والسلطة هي السلطة الفاعلة حقيقة؛ إذ يجب أن تلتقي مكونات الشعب اليمني العظم معا وتقدم حلولا ناجعة لمختلف الأسقام السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وبالذات راهن الحال اليمني بحيث تكون تلك الحلول مقبولة ومعقولة وقابلة للتحقيق.
فليس هناك منتصر أو مغلوب, فالشعب حقيقة هو المنتصر وأعداء الوطن الذين أرادوا دفعه إلى أتون حرب أهلية ضاربة هم المغلوبون، فالوطن اليوم يعيش في نقاهة سياسية واجتماعية قد تمكنه من توسيع نطاق المصالحة الوطنية العظمى على قاعدة " لا ضرر ولا ضرار" وعلى مبدأ" الوطن أولاً" إلى أن نلتقى معاً وجميعنا عند بناء الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية الحديثة.
عصام المطري
فلنلتقي معاً..! 1214