في ظل ثورة المعلومات والإنترنت أمكن للبعض أن يمارس الإرجاف والتدليس من خلال تبني أفكار وثقافات تناهض الفكر والثقافة الإسلامية ذلكم أن تلكم الثقافات وتلكم الأفكار تنم عن التسويق لأفكار ضالة وثقافات مهترئة إعمالاً للعولمة التي تعني عالماً بدون حدود بعد استحالة العالم الإنساني الكبير إلى مجرد قرية واحدة، فهذا الانفتاح على فكر الآخرين وثقافة البعض كان له من الإيجابيات ما له، ومن السلبيات الشيء الكثير حيث تنحت الأبواب في اتجاه دراسة فكر وثقافة الغير الأمر الذي عزز الثقة البالغة بالفكر والثقافة العربية والإسلامية.
لقت درجنا (في شتى الأقطار والأمصار العربية والإسلامية) على تعظيمنا الفطري والعفوي للفكر والثقافة العربية والإسلامية وتمكنا من الحفاظ على تماسك أمشاج النسيج الاجتماعي الواحد الذي يؤطره الفكر والثقافة العربية والإسلامية المعتدلة ذات الوسطية المفرطة التي تشرعن لحياة مثالية خالية من الضيم والحيف والتعسف الفكري والثقافي من خلال تأثيرها على حزمة من القيم الفكرية والثقافية كقيم التسامح وقيم حوار الديانات والثقافات المختلفة وقيم نبذ العنف والغلو والتطرف عن طريق التأكيد على ثقافة "التعايش" (لكم دينكم ولي دين)..
إن العالم الإنساني الكبير هو اليوم في احتظار بعد إخفاقات المعسكر الشرقي وزوال منظومته الشيوعية والاشتراكية وتحلل ما كان يطلق عليه بالنظام العالمي ذا القطبين؛ قطب المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية مع دول أوروبا الغربية.. وقطب المعسكر الشرقي الذي كان يرعاه الاتحاد السوفيتي (سابقاً).. المهم أن الاشتراكية كنظرية اقتصادية سقطت واندثرت، وها هي الرأسمالية الغربية كنظام اقتصادي يلفح وجهها لظى الإخفاقات والاحتقانات الاقتصادية التي تمهد لسقوط حتمي وشيك في السنوات القليلة القادمة للمنظومة الرأسمالية.
إن الفكر العربي والإسلامي المتولد من أصل الثقافة العربية والإسلامية التي تجنح إلى الانفتاح وتقديم البدائل الواعية يعبر عن المغالاة في التوازن ويضع حلولاً ناجعة للعثرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهو رافعة من النوع الأول يحدد مسارات البناء النوعي للاقتصاد عن طريق تفعيل الزكاة كآلة من آلات التطور والنهوض الحضاري هذا فضلاً عن مبدأ إنفاق العفو (الفضل) في الثقافة الإسلامية التي تسهم إسهاماً فعالاً في تمكين عُرى الروابط الاجتماعية ما بين الأغنياء والفقراء والمعوذين وأهل الحاجة والفقر.
ويحضرني في هذه العجالة السريعة والخاطفة أن أشير إلى قضية هامة مفادها أن الفكر الإسلامي والثقافة العربية والإسلامية يمتلكان اليوم حلولاً ناجحة للانحطاط المتفشي في أرجاء المعمورة، فليس أدل على ذلك من استطاعة العرب والمسلمين من تشييد أعظم حضارة إنسانية راقية عرفها التاريخ الإنساني قديمة وحديثه حتى يأتي اليوم من يرجف في الأرض، ويدلس على أبناء الأمة العربية والإسلامية في آن الإسلام محصوراً في المساجد وينبغي أن لا يكون له دوراً حقيقياً في واقع الحياة.
فالأغبياء من أبناء أمتنا العربية والإسلامية يتلقفون تلك الأقاويل، وسرعان ما يفرطون في تقسيم الشعب الواحد إلى شعبين تحت سماء واحدة.. إسلاميين وعلمانيين، ليبقى الإسلام ديناً للإسلاميين وحدهم وذلك عن طريق مفهوم الاختزال الذي يحاول اختزال الدين الإسلامي الحنيف في مجرد جماعات وحركات إسلامية معينة، فالإسلاميون لا يرون في السلطة مغنم بقدر ما هي مغرماً وهذا ما يضع بعض التيارات والحركات الإسلامية غلى تمثل حياة العزوف عن السلطة مؤكدين على ضرورة الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى سواءً حكم الإسلاميون أم حكم الفريق الثاني من العلمانيين المنبهرين بزيف الحضارة الغربية التي عجزت عن التصدي لمرض الإيدز المتفشي..
فالمرجفون والمدلسون في هذا الوطن المعطاء يقفون سداً منيعاً وحاجزاً قوياً أمام تحرير العوام في الوطن العربي والإسلامي من تراجيديا وحملات التضليل التي استهدفن تشويه الإسلام وبأنه ليس لنا من حاجة في الإسلام اليوم الذي يعدوه تراثاً ترفياً إلا أن مكر الله عز وجل أبقى حين يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، حيث تكللت مساعي الجماعات والحركات الإسلامية بإشعال جذوة اليقظة العربية والصحوة الإسلامية في العديد من الأقطار والأمصار العربية والإسلامية، فليس من الضروري أن تعتلي الحركات الإسلامية كرسي الحكم إذ يحكم من حكم من التيارات والاتجاهات والمشارب العلمانية شريطة أن يحكموا كتاب الله عز وجل وسنة الرسول والنبي الأعظم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ويكون الحكم بما أنزل الله كما أشرنا سابقاً.
فالحاجة إلى الحكم بالإسلام وبما أنزل الله سبحانه وتعالى ماسة, ذلكم أن في الحكم بما أنزل الله ضالة الأمة، حيث ستنقشع الأزمات، وستوحد القلوب والأفئدة وسوف تجتمع الكلمة، حيث سنصير شعباً واحداً تحت سقف واحد، وسماء واحدة، وسيدرك الطابور الخامس الذي يختص بتثبيط الأمة وضع الشائعات والتقولات والأكاذيب أنه لا مجال له في هذه الحقبة التاريخية الهامة من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، ومن تاريخ أمتنا اليمنية الواحدة الموحدة التي تنظر لسؤددها وعزها وتقدمها ثمرة من ثمار تضحياتها وتقديم الغالي والنفيس.
وختاماً يحلو لنا التذكير بأهمية الفكر الإسلامي المتزن والثقافة الإسلامية الغراء التي تمقت الغلو وتنبذ التطرف وتجافي التنطع في العبادات وسائر المعاملات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً صوب التأسيس لمجتمع إنساني عظيم صاحب عقيدة صافية سليمة وصاحب فكر نقي خالٍ من الشوائب والهرطقات ولنا لقاء يتجدد والله المستعان على ما يصفون.
عصام المطري
إرجاف وتدليس 1221