عندما كان الحكام في القرون الماضية يجردون حملة من صنعاء في اتجاه "ذمار وإب وتعز ولحج وعدن وأبين"، يكتب المؤرخون- ومؤرخو الأئمة بالذات-" وفي يوم كذا من شهر كذا أرسل الإمام أو الحاكم جيشاً عرمرما على اليمن"..
وعندما كانت الحملة العسكرية تستهدف إب وتعز وصولاً إلى عدن "منتهى اليمن"، يقول المؤرخون، مثلا: ... حملة لوقف الفتن في اليمن الأسفل. كذلك صار الباب الجنوبي من صنعاء باب اليمن.. في الجغرافيا فإن الشام هو مقابل اليمن. فكانت صعدة هي الشام بما أنها في الشمال القصي.
لكن اليمن- سياساً- في النصف الأول من القرن العشرين، صار مملكة الإمام يحيى. ومنذ الاحتلال البريطاني لـ"عين اليمن" مدينة عدن في يناير 1839، بدأ البريطانيون يخططون لوضع انفصال دائم بين اليمن والشام! وفي الأشهر الأولى عقد الكابتن هينز معاهدات صداقة باسم حكومة الهند البريطانية "والتاج البريطاني" مع قوس القبائل المحيطة بعدن، بدءاً من الحجرية شمال غربي عدن وحتى السلطنة الفضلية شرق عدن.
بعد 3 عقود تطورت المعاهدات إلى اتفاقيات حماية في مواجهة الأتراك الذين عادوا إلى الشمال اليمني. وبعد الانسحاب التركي من اليمن الشمالي سارعت بريطانيا إلى تطوير علاقتها بالمحميات عبر نظام الاستشارية.
وفي نهاية الخمسينات واقتراب مصر الناصرية من اليمن بالاتحاد الثلاثي أولاً ثم لاحقاً بثورة سبتمبر في الشمال، تحول الجنوب العربي من مفهوم سياسي جغرافي استعماري إلى واقع سياسي هش بتأسيس كيان الجنوب العربي برعاية وضغوط بريطانية لمنع التقاء اليمنيين. لكن هذا الكيان قوبل برفض السلطنتين الحضرميتين وجمهور واسع من أبناء عدن. ثم ما لبث أنْ تبخر فور انتصار الجبهة القومية في الجنوب ودحرها المستعمر البريطاني.
***
يساجل بعض الحراكيين الغاضبين بأنهم ليسوا يمنيين باعتبار أن اليمن محض اتجاه جغرافي- أي جنوب فحسب- وليس هوية. ولذلك يُعرِّفون أنفسهم ك"جنوبيين"، أي "يمنيين". كلنا في الهم "جنوب"! وكفى الله الجنوبيين واليمنيين شر الاقتتال على الهوية في منتهى اليمن!.
من صفحته على الفيس بوك
سامي غالب
كلنا في الهم 1326