يحاصرونها، وينهبونها، ويعتقلون أقلامها، وبالأمس أحرقوا "أخبار اليوم" واليوم يعودون أعداء الكلمة والنور والحياة والحرية، في استهداف طائش، لإطفاء مؤسسة "الشموع" التي لا تنطفئ، فكلما أرادوا إطفاءها أوقدها الله فأضاءت أكثر.
هي محاولة بائسة وفاشلة، لاشك، لأن مؤسسة "الشموع" لم تكن يوماً ما بوقاً سياسياً وما كانت أبداً "أخبار اليوم " طبلة حزب أو جهة، بل هما - المؤسسة والصحيفة - لسان حال شعب وصوت أمة وصدى وطن، وفرحة يتيم وبهجة مريض وقنديل بيت، وهذه هي الحقيقة التي سيتكفل التاريخ بقولها كاملة للعالمين، وأتكفل أنا ببعض الضوء.
سأقول هنا حقائق قد يجهلها كثيرون عن"الشموع" التي تتعرض اليوم لعدوان سافر وقميء من قبل خفافيش الظلام الذين يحلمون بإعادة اليمن "رَيْوَس" إلى ما قبل عصر اختراع المطبعة، وزمن ما قبل الكتابة.. وهذه الحقائق، أنا شاهد عيانها، أثناء عملي في " الشموع " في العامين 2011و2012، وهي نزر يسير من كثير.
والحقيقة الأولى أن " الشموع " لم تكن مؤسسة إعلامية فحسب بل كانت مشروعاً إنسانيا خيرياً، تتموسق على سطوره شجاعة الكلمة ونبل الموقف الإنساني الكريم .
فحين كانت الكهرباء طافية 24ساعة، أيام أحداث ثورة فبراير في 2011 وصنعاء تغرق في الظلام كانت عشرات البيوت المجاورة لمبنى مؤسسة "الشموع" تضيء من المولد الكهربائي الخاص بالمؤسسة في ظل أزمة حادة في مادة الديزل .. هو أمر طوعي ومبادرة شخصية، من أستاذنا النبيل سيف الحاضري الذي وجه بإيصال الكهرباء لجيران الشموع مجاناً، لأن حق الجوار يستدعي عدالة النور .
خارج المبنى- وفي غرفة الحارس- تنتظر مئات النسخ من الأعداد اليومية من صحيفة "أخبار اليوم" وصحيفة "الشموع" وصحيفة "يمن فوكس" التي توقفت لاحقاً وكانت تصدر بنسختيها العربية والانجليزية، خروج المصلون من صلاة الفجر من الجامع المجاور ومن بيوت الجيران، الذين اعتادوا أخذ نسخ مجانية من إصدارات وصحف مؤسسة "الشموع"، كل واحد يأخذ نسخته بيده .
ومع بداية كل عام دراسي توزع المؤسسة الحقائب المدرسية بكل متطلبات الدراسة من دفاتر وأقلام للمئات من أبناء الفقراء في النطاق الجغرافي المحيط بمبنى المؤسسة وخارج النطاق، ولطالما قصد المؤسسة محتاجون من مناطق شتى بغية الحصول على مساعدة مالية وما كان "سيف "يرد أحداً حسب علمي، وهنا أذكر صحفياً من مؤسسة " الأيام" أيام نكبتها، حدثني بنفسه وأنا أصادفه خارجاً من بوابة المبنى إنه اتصل بسيف الحاضري، في مرض أحد أقاربه وأنه حصل على مساعدة كريمة.
أعرف أن أستاذنا سيف قد يغضب مما أقوله الآن، فهو من النوع الذي يعبس ويتولى عنك إذا ما مدحته، لكنها الحقيقة، والحق أقول .
إن ما سبق أعلاه، أردته توضيحاً للحاقدين على "الشموع " وإضاءتها، فهذه المؤسسة الإعلامية الرائدة كانت وستظل أكثر وأكبر مما تعدون، ولئن خذلها الآخرون ساعة العسرة فلن تخذلها دعوات من مدت لهم يد العون وهم ألوف.. ودعوة يتيم، يحمل قلماً من الشموع، لن تكون أقل من قنبلة ذرية، في خضم المواجهة، بمعايير عدالة السماء وسنن الأرض .
هذا هو سلاح الشموع الأمضى والأقوى، أما الجمع المسلحون الذين يحتلون مبناها، زهاء الشهر، فلا تجود أياديهم إلا بالموت والخراب (فلا كانوا ولا الجود) كما قال المتنبي، ولهذا أكرر : كلما أرادوا إطفاء الشموع أوقدها الله .
عبدالرزاق الحطامي
الشموع...لن تنطفئ 1380