لقد انتبهت دول مجلس التعاون الخليجي مؤخرا إلى ما حدث في اليمن من التمكين لإيران بإسقاط صنعاء عبر حلفاءها الحوثيين وعلي عبدالله صالح وسيطرتهم على مؤسسات الدولة بما فيها مؤسستي الجيش والأمن وخطر ذلك على الأمن القومي الخليجي وبوجه الخصوص أمن المملكة العربية السعودية..
وكانت المتتاليات المتزامنة والواعدة للانقلابيين بمساعدة المبعوث الأممي للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر ..محل متابعة من قبل دول الخليج وأعلنت رفضها المطلق للانقلاب وشددت على الشرعية واستكمال المهام المتبقية من المبادرة الخليجية.. وحينما حانت الفرصة بخروج الرئيس هادي من إقامته الجبرية كانت هي المبادر الأول لإرسال سفرائها إلى للممارسة مهامهم من العاصمة عدن.
ويمكن القول إن تلبية دول مجلس التعاون الخليجي دعوة رئيس الجمهورية لنقل الحوار بين الأطراف اليمنية إلى العاصمة السعودية الرياض يدل دلالة واضحة على أن الخليج يولي الوضع في اليمن اهتماما بالغا . ويمثل مؤتمر الرياض الذي يجرى الترتيب له و سينعقد في بداية شهر ابريل نقطة فارقة في تاريخ اليمن السياسي لما يمر به اليمن من تحديات ومنعطفات خطيرة أكثرها خطرا سطو وسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة بالتحالف مع الرئيس السابق على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وباتوا يتحكموا بشئون الدولة.. بالإضافة إلى تداعيات ذلك على الوضعين الأمني والاقتصادي.. خاصة بعد تهديدات صالح والحوثيين باجتياح الجنوب.. وهو ما دفع الرئيس هادي ووزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي إلى سرعة إخماد التمرد يوم19مارس.
ويأتي مؤتمر الرياض بعد فشل مهمة المبعوث الأممي جمال بن عمر في اليمن واتهام اغلب قادة الأحزاب السياسية والمثقفين وشباب ثورة 11فبراير بأنه أي بن عمر قدم التسهيلات التي مكنت جماعة الحوثيين من إسقاط صنعاء وبعض المحافظات وسيطرتها على مؤسسات الدولة ونهبها لمعدات الجيش والأمن على النحو المشاهد، واعتبروه مهندس التشظي في اليمن. وهذا أحد المبررات والمسوغات التي تجعل مؤتمر الرياض أمرا مهماَ للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي ليتحملوا مسؤوليتهم السياسية والقرابة والجوار ويواصلوا الإشراف المباشر لتنفيذ ما تبقى من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
ومن الأمور التي اعتقد أنها يجب أن تكون إطارا مرجعيا لحوار مؤتمر الرياض النظام الجمهوري والوحدة الوطنية ومخرجات الحوار الوطني والعدالة والمواطنة المتساوية لكل الشعب اليمني.. كما يأتي بعد ذلك قضية استعادة الدولة اليمنية المختطفة والمسيطر عليها من قبل الحوثيين بقوة السلاح.. والأخذ بالاعتبار أن يشمل مؤتمر الرياض كافة المكونات المجتمعية وفق تمثيل اجتماعي وسياسي حقيقي وموضوعي دون النظر إلى قوة السلاح كمحدد يجب أن يسيطر على اختيار الممثلين.. كون هذا أحد أخطاء مؤتمر الوطني الذي أعطى تمثيلا أكبر للمليشيات التي تحمل السلاح وتجاهل شباب الثورة القوة الحقيقية على الأرض.
وأعتقد أن الخليج يملك رؤية إستراتيجية واضحة لمعالجة وحل الأزمة اليمنية تتجاوز الروتين التكتيكي السابق، مما يعني أن حل جذور المشكلات والتعامل معها بجدية.. أيضا كون ما هو حاصل أحد أسبابه نتيجة لغض الطرف عن هذه المشكلات وأعراضها التي أوصلت اليمن إلى مرحلة خطيرة.. وإلى عدم وجود الدور القوي والجمعي لدول لخليج في الأزمة في اليمن وسيطرة جمال بنعمر بديلا في الفترة الأخيرة.
أيضاً يتطلع اليمنيون إلى أن يكون مؤتمر الرياض بعد تحقيق قصية استعادة الدولة أن تكون المحطة التالية ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي.. دون اجتزاء لاعتبارات "جيو بولتيكية "واقتصادية وأمنية وثقافية.. وما سيمثله ذلك بالنسبة لليمنيين والخليجيون إنجازا كبيرا ونقطة فارقة في تطور العلاقات اليمنية الخليجية. بالإضافة أن ذلك سيقطع مطامع إيران بالسيطرة على اليمن ويزيل عن الخليج مخاوف التمدد الإيراني.
كما أن الأحداث المتلاحقة التي يقوم بها الانقلابيون الحوثيون والرئيس السابق المتحالف معهم في حشد قوتهم العسكرية وشن غارات وطلعات جوية فوق القصر الجمهوري في عدن الذي يتخذه الرئيس هادي مقرا لممارسة مهامه والقيام بإرسال تعزيزات عسكرية إلى محافظات محاددة للمحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى إعلان "اللجنة الأمنية التابعة للحوثيين "التعبئة العامة لانتقال الوضع من حالة السلم إلى حالة الحرب وتوجيهها لوزارة المالية بتمويل ذلك ..كلها إجراءات لاستكمال الانقلاب والتحضير العملي لخوض حرب وإغراق اليمن في متتاليات من العنف اللامتناهي، ومحاولة لعرقلة مؤتمر الرياض. وهذا ما يجب أن تلتفت إليه دول مجلس التعاون الخليجي وتطوي صفحة الرئيس السابق كونه أصبح خطرا على الداخل اليمني وعلى الخليج خاصة بعد انكشاف ارتباطه وعلاقته بإيران وتحالفه مع جماعة الحوثيين المسلحة أحد أجندتها .
حيث كشف الدكتور رياض ياسين وزير الخارجية الجديد والمكلف بتجهيز ترتيبات مؤتمر الرياض اليمني إلى" أن النفوذ الإيراني في اليمن، لم يكلفه الدخول إلى صنعاء إلا القليل، والسبب أن الحوثيين مهدوا هذا الدخول للإيرانيين، بالتعاون مع صالح، وإيران تحاول بكل الطرق أن تعمل {كماشة} حول دول الخليج، ولكن في اليمن العملية مرفوضة." وفي رسالة أوضح ياسين "أن حسن النوايا مع جماعة الحوثيين أو صالح أو إيران أصبحت غير مقبولة".
وذكر في تصريح للشرق الأوسط اليوم الأحد 22مارس "أن هناك محاولات حثيثة من قبل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والحوثيين وإيران، بجر اليمن إلى مربع الاقتتال الأهلي، وإيجاد قتال وتوتر لخلق كثير من القلق، والتدهور على مستوى اليمن، أو على مستوى الدول الإقليمية، وجعل اليمن ورقة ضغط على دول الخليج".
أحمد الضحياني
مؤتمر الرياض اليمني الآمال والطموحات 1217