من يدخل من النافذة لا يحق له مطالبة الآخرين احترام مبدأ الدخول من الباب.
منصب نائب الرئيس لا أصل له في الدستور "بالنسبة للرئيس الإنتقالي" ولا في المبادرة الخليجية، بل ولا حتى في اتفاق السلم والشراكة.
ولامعنى لسبق تعيين خالد بحاح، كنائب للرئيس، إلا في كونه مهّد لتقبل تعيين علي محسن، ذهنياً ونفسياً - وليس دستورياً وقانونياً - لدى كثير من الناس.
أما سبق تعيينه كرئيس للحكومة في الأصل، فقد جاء استناداً إلى اتفاق السلم والشراكة الإكراهي، سيء الذكر، وبالمخالفة للدستور وللمبادرة الخليجية كذلك.
ولذلك فلامعنى لمطالبة بحاح باحترام: الدستور، والمبادرة الخليجية، واتفاق السلم والشراكة، وشرعية التوافق.
لأن الدستور، قضي عليه بالمبادرة الخليجية، والمبادرة الخليجية، قضى عليها باتفاق السلم والشراكة، وقضي على اتفاق السلم والشراكة، بالإعلان الدستوري، وماترتب عليه.
أما التمسك بالتوافق فأمر لا يخلو من وجاهة، ولكن هذه الوجاهة تتلاشى وتمحي، إذا كان التوافق المقصود يشمل أيضاً أولئك الذين انقلبوا على التوافق بالذات، وإلا فهو الجنون.
في بيانه للناس، ظهر بحاح حريصاً على مراعاة مقتضيات الشرعية الدستورية لجهة ضرورة نيل الحكومة ثقة مجلس النواب، متناسياً أن حكومته نفسها لم تحظ بهذا الشرف، بالنظر إلى أن مجلس النواب نفسه، لم يعد يربطه بالدستور سوى بقايا ذكريات...
أما نعي بحاح على قرار هادي الأخير، بتعيين رئيس جديد للحكومة، لمخالفته لقرار مجلس الأمن 2216، إعتبارا بأن هذا القرار نص على عودة الحكومة "الشرعية" كما قال، فمردود عليه بالإجابة المفترضة على تساؤله - هو نفسه - الاستنكاري، الإستغرابي، والتعجبي، عن كيف يمكن إقالة رئيس حكومة دون أعضائها؟!
ذلك أنه أبقي على أعضاء الحكومة، وإقالة رئيسها وحده، كي يبقى الحديث عن عودة الحكومة "الشرعية" تلك، ممكنا، في خطوة لا تخلو من اللؤم والخبث، بطبيعة الحال.
الأمور كلها خارج دائرة الدستور والقانون، بما في ذلك رئاسة هادي نفسها، غير أن ما يسعف هادي هو "الاستفتاء الشعبي" الذي اشترطه، في لحظة إلهام قدري على ما يبدو، كأساس لقبوله الترشيح، التوافقي، للرئاسة حينها.
بدأ الانحراف عن خط الشرعية الدستورية حينما أجتمع أربعة من كهنة السياسة، ذات يوم أسود، في غرفة مغلقة، وقرروا تعطيل دستور مستفتى عليه شعبيا لصالح المبادرة الخليجية، "بل وربما قبل ذلك حينما اجتمع ذات الكهنة وقرروا التمديد لمجلس نواب منتهية ولايته أصلا".
يبقى أن خالد بحاح، التكنوقراطي، المفتقد لأي دعم حزبي أو سياسي أو قبلي أو جماهيري، بدا، في بيانه ذاك، مشوشاً، شريداً، مذعوراً وتائها مثل أي "مستقل" يجد نفسه فجأة، بلا حماية ولا سند، في نقطة تقاطع قطارات السياسة، لحظة اشتداد حمى الصراع، ومن هذه الزاوية، تحديدا، يغدو الرجل جديراً بكل التعاطف.
هائل سلام
في الليلة الظلماء يفتقد الدستور 1244