كلما أحاطتْ بك الخساراتُ، اشرع في إحصاء مكاسبِك. ثمَّةَ مكاسبُ فيما تراه ضائعاً من العمر والجهد، وفيما يبدو لك انتكاسا وخسرانا في الطريق ثمة مكاسب من المهم البناءُ عليها.
وقد تكونُ وقفتَك لحظةَ نزولِ البلاءِ أهمَّ مكسبٍ تؤسسُ عليه انطلاقة أخرى و حياةً جديدةً.. من المُهم أن لا ندعَ خساراتنا تتعاظمُ أكثر، وعلينا أن لا نُسلِم أنفُسنا لها، وأن لا ننحشِرَ داخلها كالمساجين. ثمة ألطافٌ كثيرةٌ كامنةٌ في كلِّ خَطبٍ وكرب. ثمةَ أبوابٌ مُشرَعةٌ، لا ينغلقُ بابٌ إلا وينفتحُ ثانٍ وثالثُ.. ومن الأخطاءِ القاتلةِ إطالةُ الوقوفِ أمامَ البابِ المغلقِ. ومع الصبر تَبِينُ المسالكُ، وتلوحُ المِننُ في أعينِ النِّقم.
ولنا في القرآنِ الكريمِ دروسٌ تُعلمنا كيف نُحِيلُ الضّعْفَ إلى قوةٍ، والفَقرَ إلى غِنىً، والحُزْنَ إلى سرورٍ، والغُرمَ إلى غُنْم. والأوفرُ إيماناً هو ذلك الذي يصبرُ ويحتسبُ، ولا يَدَعُ المصيبةَ تُهَشّمهُ وتُحطّمهُ من الداخلِ فينهارُ ويخورُ.. الأوفرُ إيماناً هو ذلك الذي يقفُ في وجهِ العواصفِ متحدياً بيقينٍ صلبٍ متماسكٍ، لا يتسربُ إليه الخوفُ، ولا يداخلُهُ قلقٌ من حِفظِ اللهِ لهُ ورعايتِهِ، في كلِّ ما يختارُه له من خيرٍ أو شرّ، بحيثُ يصيرُ العجزُ رافعةً، ويصيرُ الضعفُ منطلقاً نحو الله، مصدرِ القوةِ وباعثِ الحياة..
مع الصبرِ يرى المؤمنُ المِنَّةَ في عينِ البلاءِ، ويرى العطاءَ في عينِ الحرمانِ. يرى الرزايا عطايا، والمصيباتِ كرم.
يا أنت:
كيف تُنسيك عُتْمةُ العُسرِ هذا القنديلُ المتدلِّي مالئاً السماءَ "فإن مع العسرِ يسراً، إن مع العسرِ يسرا"
هكذا يستصحب العسراليسر هكذا يقبلان معا وعلى هذا النحو من التأكيد الباعث على اليقين الراسخ .
جمال أنعم
إن مع العسر يسرا 1308