لم تكن ثورة 11 فبراير موجة غضب شعبية آنية بل انفجار كوني على مستوى المنطقة قلبت طاولة الحياة السياسية رأسا على عقب منذ قرون.
لم يحدث كما حدث في فبراير، فلقد عاش قبله الاستبداد والطغيان مهيمنا والعصبية لفرد أو أسرة هي المتحكم بالتقلبات وأساس قوة القرار
لقد جاء فبراير بصورة مختلفة عندما خرج الشعب عن صمته وسكونه متوشحا سيف إرادته ( الشعب يريد إسقاط النظام) كان ( الفرمان) الأول لمرحلة فبراير، وتبعه بقرار (ارحل) كقرار تأكيدي و استطاع أن يسقط الأنظمة بل ويكشف جذورها العميقة ويرحل الحكام وواجه هؤلاء الحكام من شعوبهم رعبا وأهوالا لم تكن تأتيهم حتى في كوابيسهم. لقد نجحت الثورة بهذا المعيار نجاحا باهرا وليس من الحكمة والإنصاف التقليل من هذا الإنجاز التاريخي الغير مسبوق، لقد أظهرت الشعوب قوتها وإرادتها القاهرة وكانت قبل في عداد العدم والصفرية الغثائية..
بعد إسقاط الحكام تحركت الثورة المضادة في مرحلة مابعد سقوط الأنظمة لإعاقة ثورة 11فبراير وشلالاتها الجارفة من تحقيق الهدف (بناء الدولة وتحقيق العدالة )،
لقد كانت ثورات مضادة ولم تكن ثورة واحدة، ثورات متداخلة لقوى محلية وإقليمية ودولية هبت لإيقاف عجلة التغيير وهي مرحلة طبيعية من الصراع ؛ نتيجة الانفجار الكبير لشلال فبراير.
لم تهزم ثورة فبراير التي حققت هدفها الأول بتأكيد قوة الشعوب في المعركة السياسية، صحيح أن الهدف الثاني وهو تحقيق دولة الشعب،لم يتحقق بعد، لكنها مرحلة طبيعية وفي النهاية ستنهار الدولة العميقة التي تمزقت أوردتها، ومع الوقت ستبقى الشعوب وثورتها شرط أن تبقى روح الثورة التي لا تحسب حساب التوقف، وتعتبر ثقافة الثورة وروح التغيير دينا لتغيير منكرات العبث بالشعوب.
الإحباط هو العدو الأخطر في طريق ثورة فبراير، إضافة إلى ضرورة بلورة مشروع مشترك لقوى الشعب؛ فوحدة المشروع ووضوحه يسرع من قوة الدفع في المعركة الكبرى لإنقاذ الشعب.
في اليمن استطاع الشعب أن يجهز مشروع ورؤية مشتركة لبناء الدولة ممثلة بمخرجات الحوار، وهي الوثيقة الأهم لما بعد تحقيق إسقاط النظام، والمقاومة اليوم هي مرحلة من مراحل ثورة فبراير التي لن تتوقف حتى تصل مداها وتحقق هدفها في التخلص من كارثة الحكم بالسيف والغلبة الدائرة على الروؤس منذ قرون، وإنجاز دولة تعبر عن الإنسان وتحفظ مصالحه وتنمي وطنه.
لن تهزم ثورة فبراير ولن تتوقف وستحقق كل اهدافها شرط أن تبقى ينابيع تدفقاتها مستمرة التدفق إلى مصب مشترك ومشروع واضح المعالم.