لا يعرف من يعشون بالترف ما تعيشه بعض الأسر الفقيرة التي تعيش الوجع اليومي، والذي أراد لها الله أن تكون هكذا لاختبار عباده.
عندما غابت الرحمة والشفقة فينا، لم نعد نهتم بهؤلاء ولم نتأثر لحالهم أو نفكر أننا سنعيش يوماً نفس حالهم.
أقسم أن هذا طفل أبكاني، ولم أستطع حبس دموعي، طفل قادم من مديرية يريم، شرد بصري فشاهدته يبحث في ساعات الظهيرة عن مخلفات البلاستيك، اقترب من المنزل يبحث عن ماء، لكن صورته الحزينة والشاحبة ووجهة المنهك بالتعب وثيابه الممزقة والعرق يسكب من على جبينه أوحت لي عن هموم تقف خلف هذا الطفل.. أمرت أطفالي أن يقدموا له الماء والغداء، لمحته وهو يتناول الطعام بسرعة ولهفة، واضعاً الكيس تحته وهي استراحة بسيطة، فكرت عن ماذا يخفيه الطفل من معاناة، اقتربت لأمنحه القات قال أنا لا أخزن.
سألته من أين أنت.. أجابني من قرية لا أذكر اسمها في مديرية يريم التابعة لمحافظة إب قطع مسافات طويلة لسد حاجات أسرته قائلاً بحرقة: إن والده توفي وترك أطفالاً وهو أكبرهم يعمل من أجلهم بأجر يومي من الصباح إلى المساء بمبلغ ألف ريال.
حاولت أمنحه بعضاً من النقود لمساعدته رفض وبعد إصرار عليه أخذها، هذا طفل فضّل العمل من عرقه لإعالة أسرته ولم يستسلم للواقع المؤلم.
هذا هو المشهد الذي أحزنني وجعل الدموع تنهمر، فالأولاد استغربوا أن يبكي أبوهم كالطفل، لكنهم لم يعرفوا حال هؤلاء ومآسيهم، مشاهد محزنه تلين له القلوب وتحضر الدموع، لمن تبقى لديهم قيم وأخلاق إنسانية رحيمة.
أترجاكم أن تعطفوا وترحموا مثل هذه الحالات وارحموهم وأشفقوا عليهم لعل الله يرحمكم. واجعلوا قلوبكم لينة وأعطوا بعضاً من أوقاتكم للبحث والسؤال عن أوجاع وهموم الناس، وتشردوا واعملوا من أجل إسعادهم وحاولوا أن تسعدوهم، وأطفئوا غضب الرحمن عليكم، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
يا رب أهد قلوب عبادك لإسعاد المتعبين والمهمومين، وأسكن قلوبهم الرحمة.