تابعت المحاضرة التي ألقاها الأستاذ/ محمد علي أبولحوم ـ رئيس حزب العدالة والبناء في معهد الشرق الأوسط في واشنطن والتي أعلن فيها عن نقاط يرى أنها تمثل أرضية مشتركة لإحلال السلام في اليمن، وأخذت تلك النقاط حيزاً من النشر والنقاش في صحف ومواقع أجنبية وعربية، كما تم مناقشة تلك النقاط معه مِن قبل مستشارين بالبيت الأبيض ومسئولين في العاصمة البريطانية لندن، وقد أنطلق في محاضرته من خلال تسليط الضوء على بعض المسائل الهامة وهي كالتالي:
1. خطورة الوضع الإنساني للشعب اليمني.
2.الشعب اليمني ليس حليفاً لإيران حتى اليوم.
3. تواجد محدود لإيران تنموياً واستثمارياً في اليمن
4. أن سياسة إيران عدائية تجاه دول المنطقة، وقد لعبت دوراً مزعزعاً لاستقرار المنطقة من خلال دعم الجماعات المسلحة.
5. علاقة اليمن مع محطيها الجغرافي الخليجي علاقة تاريخية مصيرية ويرى ضرورة تعزيزها وتقويتها خصوصاً مع السعودية.
6. اليمن تعتبر نقطة قوة أو ضعف للسعودية.
واقترح عدة نقاط في مساعيه لإحلال السلم والسلام في اليمن:
1. وقف إطلاق النار بصورة مؤقتة للسماح للمساعدات الإنسانية بالتدفق للمحتاجين لها.
2. أقترح إضافة روسيا والصين وفرنسا وعٌمان الى مجموعة العمل الخاصة باليمن.
3. يرى أن الإدارة الأميركية الجديدة يمكن لها أن تسهم بدور حاسم في استقرار المنطقة.
4. فتح حوار مباشر مع كل الأطراف بما فيها المؤتمر الشعبي العام.
5. تسليم صنعاء من قبل الحوثي في غضون 30 يوماً بإشراف الأمم المتحدة.
6. يظل ميناء الحديدة مفتوحاً واستمراره باستقبال البضائع تحت إشراف الأمم المتحدة وانسحاب الحوثيين من الميناء.
7. تقوم الأمم المتحدة بتسليم البضائع الواصلة إلى الميناء إلى التجار مباشرة بمعزل عن سيطرة ورقابة الحوثيين.
8. فتح مطار صنعاء واستئناف الرحلات منه وإليه.
9. تشكيل حكومة مؤقتة تقوم بالعمل مع مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي لإحلال السلام والتركيز على المصالحة وتحقيق الاستقرار وتهيئة اليمن للانتخابات خلال فترة زمنية محددة.
10. خاطب الشرعية بإعادة النظر في تعاملها مع الأطراف الفاعلة في الجنوب؛ وعدم محاباة طرف على آخر تجنباً لعدم فتح جبهات اقتتال جديدة هناك.
يرى الأستاذ/ محمد أبولحوم، أن هذه النقاط يمكن لها أن تسهم في التمهيد لعودة الجميع إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل سياسي في اليمن.
***ملاحظاتي حول النقاط المطروحة***
جهد طيب ومحاولة نحتاج لها ولغيرها لاستعادة اليمن وإعادتها إلى بر الأمان؛ وأجد نفسي متفقاً مع كثير مما جاء فيها ويمكن مناقشتها وتعديلها وإضافة بعض النقاط الهامة إليها ومن ثم البناء عليها، فالجميع متفق على أن الوضع الإنساني مخيف ويحتم على الشرعية بصفتها الممثلة للشعب اليمني العمل بما يضمن رفع معاناة الناس وضمانة عدم حدوث مجاعة لا سمح الله (بالرغم أن بوادرها واضحة) ورغم يقين الجميع أن الحوثي يراهن على معاناة ومآسي وجراح الشعب اليمني كوسيلة لإنفاذ وشرعنة انقلابه؛ إلا أن حدوث مجاعة في اليمن سيدفع بالجميع للبحث عن حلول بدون التدقيق من المستفيد ومن السبب.
مسألة إشراك المؤتمر في المحادثات هي مسألة مهمة فرضها الواقع، فالمؤتمر يمثل قوة سياسية مؤثرة، ويظل حزب سياسي غير عقائدي، ويمتلك بنيان قوي في المجتمع اليمني، ورئيس المؤتمر مازال له ثقله السياسي على الساحة وتجاهلهم لا يسهم في إيجاد حلول سياسية، خصوصاً أن قيادات وكوادر المؤتمر اليوم هم في خندق المواجهة ضد ممارسات الحوثي المدمرة لمؤسسات الدولة ، بل إنهم صاروا في مواجهة حقيقية داخل أروقة الوزارات والمؤسسات الحكومية مع عناصر تلك المليشيات.
الجميع يخشى من مسألة اقتحام الحديدة لما في ذلك من خطورة على المدينة والسكان، وهناك من يطرح أن على التحالف فقط العمل على ضمانة عدم تسرب أسلحة للحوثي من الميناء وترك البضائع والمساعدات الإنسانية بالانسياب وخصوصاً أن الشرعية لم تتمكن حتى اليوم من تطبيع الحياة في عدن وحضرموت والمخا لضمانة تدفق البضائع والمساعدات إلى الشعب اليمني كموانئ بديلة عن الحديدة.
ونسمع أن هناك مبررات للتحالف تؤكد أن ميناء الحديدة صار نقطة تهديد للملاحة الدولة من قبل الحوثي بعد وضعه لصواريخ وقوارب إيرانية سريعة تعمل عن بعد لتهديد الملاحة الدولية، إلا أن موضوع الحديدة يحتاج فعلاً لدراسة متأنية تكون مصلحة الشعب اليمني مقدمة على أية حلول ومعالجات.
بالنسبة لمطار صنعاء فباعتقادي أن استمرار إغلاقه يعتبر خطأ لما في ذلك من تأثير مباشر على الناس وتضييق ومعاقبة للمواطن فقط، خصوصاً ان عدن صارت مغلقة في وجه أبناء الشمال وهناك صعوبة ومشقة للسفر عن طريق مطار سيئون. كما أن الطائرات التي كانت تنطلق من المطار وإليه كانت تمر عبر مطار بيشة للتأكد من إجراءات الأمن المتبعة من قبل قوات التحالف.
هناك نقاط مازالت غائبة عن الجميع كنا ننتظر من الأستاذ/ محمد علي أبولحوم الإجابة عليها وهي كالتالي:ـ
1. الجميع بدون استثناء لا يثق في الحوثي ولا في تعهداته وبالتالي من الأهمية بمكان البحث عن صيغ مطمئنة للجميع في هذا الجانب.
2. من الأهمية بمكان التأكيد على بقاء الشرعية كبناء وأشخاص حتى استكمال انسحاب الحوثي وتراجعه عن انقلابه وتبعات ذلك الانقلاب، وبقاء التحالف في حالة نشطه باستثناء مناطق الانسحاب حتى نضمن جدية الحوثي وعدم تلكؤه وتراجعه عن الاتفاقات كما هي عادته.
3. كل قرارات الأمم المتحدة تخاطب الحوثي وبالتالي فالكرة في ملعب الحوثي وصالح من حيث البدء بإجراءات التراجع عن الانقلاب والخروج من المدن وتسليم سلاح الدولة واختيار من يرونه ضامناً أو وسيطاً كسلطنة عمان مثلاً.
4. نرى اليوم أن الحوثي قد حكم على الرئيس بالإعدام وقسّم الناس بين منافق وخائن وعميل، حتى أن حليفه المؤتمر قد طاله التصنيف، وبالتالي الكل صار مقتنعاً بأن الحوثي قد حزم أمره على مغادرة رصيف السلم والسلام إلى غير رجعة.
5. لم توضح النقاط كيفية تشكيل حكومة مؤقتة ومِن منّ وكيف وما هو الضامن لنجاحها.
6. لم نعرف ماذا يُقصد بالوضع في الجنوب.
هناك لغط كثير ونقاش عميق حول النقاط تلك وضماناتها وتحتاج فعلاً لشرح وتوضيح أكثر، وبصورة أعمق وأدق من قبل الأستاذ محمد علي أبولحوم رئيس حزب العدالة والبناء.
أما الشرعية والتحالف فأعتقد أن السلام الدائم مطلب لهم وللجميع، وبالتالي فهم يمدون أيديهم للمجتمع الدولي ولكل الخيرين الباحثين عن حلول جذرية لمأساة اليمن، وفي نفس الوقت سيستمر التحالف والشرعية بالأعمال العسكرية لاستعادة اليمن وإنقاذها من ما رٌسم لها من خطط وإستراتيجيات إيرانية طائفية.
سيظل الجميع ينظر بريبة وخوف وشك تجاه أي مبادرات وحلول لا تلبي مطالب وطموح وغايات الشعب اليمني وتنصف من قدم دمه ونفسه وعرضه رخيصة لمواجهة انقلاب الحوثي وحروبه العبثية على الشعب اليمني، وتحقق الأمن القومي للأشقاء في السعودية من مغامرات وطيش الحوثي، إلا أن الواجب على الشرعية التعاطي بإيجابية تجاه أي مبادرة تهدف لحقن الدماء مع الاستمرار في المضي بالخيار العسكري حتى نضمن استعادة اليمن بأية وسيلة ولو أن الجميع يفضل خيار السلم والسلام على الحرب والدمار.
اليوم مطلبنا نحن البسطاء هو السلام الدائم لا سلام مؤقت يفرز حرب أخرى أشدّ وأنكى.
نتمنى من أخواننا الحوثيين ترك السلاح والعمل الجاد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وطننا الجريح، فهم جزء أصيل من المجتمع اليمني والسلام هو مطلب الجميع وقارب نجاة لهم أولاً ولنا وللمنطقة برمتها.