;
عامر الدميني
عامر الدميني

محمد الصلوي 1402

2017-05-02 15:21:48

محمد عبدالملك الصلوي، شاب من محافظة تعز - مديرية الصلو، لا يتجاوز عمره الـ40 سنة، متزوج ولديه عائلة ويسكن في العاصمة صنعاء منذ سنوات.
 عرفتُ محمد منذ كان في السنة الأولى في كلية اللغات بجامعة صنعاء وأنا في السنة الأولى للإعلام.
 شاب من عائلة عادية اجتماعياً، لا يكره أحدا، ولم يعادي أحدا، ولم يختلف مع أحد.
 تخرج من الجامعة والتحق بوظيفة في وكالة سبأ للأنباء، وليس لديه في حياته سوى راتبه الشهري الذي يتقاضاه. 
عشنا معاً سنة كاملة أستطيع أن أصفها بأنها عصيبة وشديدة وبائسة، لكنها كانت رائعة بما تحمله من تفاصيل وذكريات.
 كنا نأكل وجبة واحدة في اليوم عند الساعة الخامسة عصراً، لكامل اليوم.
 كانت تلك الوجبة (نفر) فاصوليا في مطعم تعز المجاور لمبنى الجامعة القديمة، في قاع العلفي.
 يوم نأكل على حسابه، ويوم آخر على حسابي، ويوم ثالث ورابع، نستلف قيمة الوجبة من أحد الزملاء، فكلانا كان بلا عمل، وكلانا ننحدر من أسر فقيرة لا تستطيع إن توفر لنفسها الحد الأدنى من المعيشة ناهيك عن دفع تكاليف التعليم لفرد منها.
 وكان أفضل يوم لكلينا هو توفر المبلغ اليومي للوجبة المستحقة نيابة عن ثلاث وجبات.
 أما السكن فتكفل به أحد الأشخاص، وبقينا داخله حتى افترقنا.
 حدثتُ محمد عن أشياء كثيرة في حياتي الشخصية، مثلما هو الآخر حدثني عن تجاربه، وتفاصيل حياته.
 كانت روحه المرحة وتلقائيته في المزاح والمرح، صفة فطرية، تبدد حالة الكآبة والبؤس التي كانت تخيم علينا، وتكسر الملل اليومي، ونحن نسير على الأقدام في حي العلفي، وشارع الدائري، والجامعة الجديدة، وكانت تلك الأماكن هي الجغرافيا الكبيرة التي نتحرك فيها داخل العاصمة صنعاء.
 حدثني عن أمه وأبيه، وعن ظواهر راسخة في المجتمع، وعن الأرض والزراعة، وأعمال الفلاحة التي كان يقوم بها صغيراً، وهي أشياء بدت مشتركة لدينا، مثل أي شاب ينتمي لعائلة تمتهن الزراعة، وترتبط بالأرض والمحصول وعمل العائلة المشترك في ذلك.
 كان يروي بمرح كيف أن أبوه عندما يسير مع أمه داخل القرية يكون الفارق بينهما عشرة أمتار، وفقا لقياسه، كان يسأل مستغربا: لماذا لا يمشوا بجوار بعض مثل خلق الله، وهو يشير بيده إلى عائلات تسير أمامنا في الشارع؟.
 كنتُ أعايره وقت الكدر بأنه من الصلو، وأن رائحته "بصل"، وكان يرد كعادته بنكات متداولة، وأحيانا من مخيلته عن أصحاب العدين.
 بعد أكثر من سنة، افترقنا.
 أكملت حياتي بعيداً عن محمد داخل العاصمة صنعاء، مثلما هو فعل.
 اليوم محمد عبدالملك الصلوي مختطف لدى مليشيا الحوثي، وللأسف لم يعلم أحد باختطافه إلا بعد سبعة أشهر على ذلك.
 ما الذي اقترفه محمد ليسجن كل هذه الفترة؟ وما الجريمة التي ارتكبها؟ ولماذا كل هذا الحقد الدفين، الذي طال كل شيء، من قبل عصابة الحوثي.
 كيف يقضي محمد أيامه داخل مكان اختطافه؟ وما هو حال أسرته الآن؟
 كل تلك الأسئلة لن تجد لها إجابة، في مجتمع متوحش، تحكمه مليشيا عنصرية، مليئة بالحقد والغل والإرهاب.
 إنها جريمة، بل أم الجرائم، إنها كارثة لا تمارسها سوا مليشيا الحوثي.
 أشعر بالأسى عليك يا محمد.
 لكن .. صبرا محمد فإن الفرج قريب.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد