قادم من مدينة زبيد بمحافظة الحديدة للبحث عن لقمة العيش، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها اليمن..
علي الصغير الزبيدي طفل يبلغ 15 عاما، لمحته من بعيد عندما قررت أن أزور وادي القرية بعد شهور من الغياب، وإذا بي أرى طفل يردد شعار البيض ويحمل طبقاً من البيض بين يديه، يتلفت يميناً وشمالاً، لعله يرى زبوناً لشراء سلعته، من بعيد أصبت بالصدمة والوجع لحال الطفل .
اقتربت منه، وقلت له كم تكسب باليوم، رد عليّ بجواب يحمل حرقة؛ أنا خسران اليوم، قلت له هل لديك أخ كبير وكم أسرتك أجابني لديّ أب وإخوة صغار وأخوات وأعمل من أجلهم لعلي أجمع حق الدقيق, جعل الدموع تنهمر من عيوني، وانطلقت لعنتي لحال الطفل على كل المنظمات التي تدعي الإنسانية والحكومة والأثرياء والمترفين، الذين لم يتلمسوا هموم هؤلاء المتعبين الذي يعلم الله ما تعيشه أسرهم من معاناة، الطفل منهك شفتاه جافه وثيابه الممزقة وحالته الموجعة يرثى لها من له قلب يحمل الرحمة، توحي أن الطفل مثقل بالهموم وورائه أسرة متعبة .
دخلت معه في الحديث وشرح لي معاناتهم وحال أسرتهم، فزاد من حزني ودموعي، شعرت أن الإنسانية والرحمة والشفقة قد دفنت، وحب المال قد جرد الكثير من إنسانيتهم، قبلت رأس الطفل وقلت له أنت شرف لنا لإنك تكافح من أجل أسرتك .
عدت إلى المنزل وأنا في الطريق ظلت صورة الطفل أمام عيني مشهد لم يفارقني وتشاركني دموعي الذي كانت جامدة، ودخلت في التفكير الحزين عن حال مثل هؤلاء، فلو كانت فينا شفقة لما عانى هؤلاء من أبناء محافظة الحديدة وغيرهم أشد معاناة أشفقوا بهم.. وقدموا لهم حتى وأن رأيتموهم يعملون لا تبخلوا بمساعدتهم، حتى يرحمكم الله ويزيدكم رزقا من فضله .