الإرهاب فكر ضال يتطفل حياتنا، يتسلل فينا من خلال تناقضاتنا، فكر مريض يختار بعناية ضحاياه، والمقصود هنا الشباب المغرر بهم، يختارهم من العقلية القابلة للبرمجة، والنفسية القابلة للتوجيه، في المجتمعات المتخلفة التي تعيش في كنف الماضي، والمجتمعات المنحلة أخلاقياً وثقافيا، حيث الخلل النفسي متوفر.
عدن كجزء من هذا الوطن المهدور، حيث وجد الإرهاب مجرى يتسلل منه ليمارس هويته في قتل واستباحة أعراض ودماء الأبرياء، مستثمرا الشروخ الوطنية والاجتماعية، مدعوما من قوى الفساد والاستبداد لخدمة مصالحها وضرب خصومها، وإعاقة مسار التحول لواقع جديد يرفضها وان انتصر سيحاسبها.
بلدي اليوم عرضة لإرهاب الدولة والجماعة، إرهاب الديكتاتورية والاستبداد والتوحش بحلتيهما الجديدة والقديمة، وصراعهما على التسيد، إرهاب قمع القوى التي تتخفى تحت عباءة الديمقراطية الزائفة، والقوى التي تتخفى تحت عباءة العروبة والإسلام، إرهاب يتمحور مع المرحلة ويواكب متطلبات الناس، يرهبهم بقناعة انه يقف لصفهم ويخدمهم في رصف الطريق لمشروعهم، إرهاب جشع لا يعرف حليف وعدو، مصالحه تحكمه، عدو الأمس حليف اليوم والعكس، فلا تستغرب من النيران الصديقة والقصف الخطأ في ظل تكنولوجيا العصر من دقة في التصويب والتقليل من هامش الخطأ، وتكرارها في كل جبهات القتال بدأت من عدن وتنتهي اليوم في تعز، في خطوط محدده سلفا، الإرهاب قذر يبرر سياسته وأطماعه ويحميهما، بوسائل أمنية وبوليسية وأجهزة المخابرات وقوات خاصة تنفذ أجنداته، من المعتقلات ووسائل التعذيب والاستنطاق لتزعزع كيان الدولة.
مشكلتنا هو الشعور بالقوة فيطغى العنف ويمارس التوحش، ليقابله عنف مضاد، وتبدأ عملية التسيد والاستبداد بترف، يجد له مناصرين من الذهنية المصابة بالماضي والوسواس الخناس، ووهم التسيد والسيطرة، ومن هنا تبرز أدوات الإرهاب حينما تجد المُمَوَّنٌ والداعم والمستفيد.
نؤكد دائماً أن محاربة الإرهاب، يحتاج لمؤسسات دولة لا مليشيات وجماعات خارج إطار أدوات الدولة، الإرهاب فكر ضال يحارب بفكر نير، محاربة الإرهاب هي في تجفيف منابعه، وتجريف البيئة الحاضنة له ليس بالعنف ولكن بالثقافة والفكر والفن والإبداع والرياضة، بتطبيع الحياة لتزهر ينابيع الخير وتروي ضما المشاعر والأحاسيس والإبداع والابتكار، ليتنفس الناس والوطن الصعداء، علينا بمنابر الوعظ والتربية والتعليم العام والفني، علينا بالمتنفسات الثقافية والفكرية والسياسية، علينا بأدوات التنمية الثقافية والسياسية، أدوات النهضة والتحضر والدولة، والتخلص من أدوات التخلف وألا دولة، أدوات الصراع والعنف والحروب والاستبداد والتسيد والتسلط.
اللهم ارحم كل شهدائنا الأبرار واجعل مثواهم الجنة مع الأنبياء والصحابة والصدّيقين يأرب العالمين، وجنبنا والوطن وعدن الشر والأشرار .