لماذا افتقدنا النقد البناء الصادق والواعي الذي يبصرك بعيوبك ويلفت الانتباه لمكامن الفساد والنواقص بحب وحرص رائعين؟
لماذا يخاف البعض من النقد ويعتبره إنقاص من حقه وقيمته؟
ولماذا يستثمر البعض النقد في الصراع السياسي لهدف التطاول على الآخرين؟، للهدم دون إيجاد البديل الأفضل،للتجريح والجلد والضرب تحت الحزام للخصم، في إطار تنافس غير شريف في ساحة مفخخة.
البعض اليوم يستثمر المساحة المتاحة للنقد ليهدم ويتطاول، كيفما شأ ويقذف من يشأ، دون مسئولية،فالقانون معطل، ورجاله مشغولون في صراعاتهم الهامشية، ما لم يكن عملك المشين يروق لبعضهم ويتناسب مع انشغالاتهم، ستسقط أخلاقيا وقيمي فقط.
لا يمكن للنقد أن يصل لمستوى التطاول، إلا إذا كان لهدف الهدم لا البناء، هدم وتجريح، أضراره تفوق فوائده، يؤجج المشكلات ويوسع الفجوات والشروخ داخل المجتمع ينتج مزيدا من التأزم، تطاول أتاح فرصة لفقدان الاحترام، فلا يفرق بين صغير وكبير،لهدم المؤسسة دون وضع إستراتيجية البديل.
ما مسنا اليوم للنقد البناء الناضج بعيدا عن الهدم، نقد نتائجه إيجابية، النقد كثقافة و وعي كمبدأ وقيمه، نقد الفكرة بحجج قاطعة و ليس بسب صاحبها،نقد أخلاقي وسلوكي مقبول برحابه وألفاظ مختارة بدقة متناهية، نقد مسئول ومسائل، بهدف واضح هو تحسين الأداء والعطاء، ودافع للتقدم للأمام وتصحيح المسار، نقد شامل للموضوع بايجابياته وسلبياته بقراءة وتمعن وتفكير عميق، لتوجيه الجهات المسئولة والمعنية لدراسة الموضوع والتحقيق لاستنباط الحقيقة، نقد مصدره العقل.
نقد لا يصل لمستوى التشهير والتجريح والتطاول، يبدأ في المرفق ثم المؤسسة ثم يصعد تدريجيا، بعد فقدان الأمل يمكن التشهير كبلاغ للنائب العام والرأي العام مع الاحتفاظ بحق الآخرين بالرد والدفاع.
اليوم صار النقد مسخرة بالآخرين، نقد حاد يوجه لطعن الأخر، في واقع كلنا فيه شركاء في العمل، وكلا في مجال اختصاصه، في المرفق في الحي في الشارع، اليوم الظواهر السلبية والانحطاط الأخلاقي والثقافي نراه ونشاهده في الشارع العام كثقافة، رُسخت بسبب فراغ قيمي ونضوج وعي لمفهم النقد والنظام والقانون الذي يحافظ على العلاقات، ويحفظ الحقوق، اليوم الناس تتغاضى عن طيش وممارسات تسيء لأخلاق وثقافة عدن وتاريخها الناصع في هذا المجال.
يمكن أن نطلق عليه انفلات أخلاقي وضبط امني واضح، ولنا أمثلة :
من يحمي الناشطين في توزيع الإغاثة الإعانات وهم يتعرضون باستمرار للبلطجة من قبل شباب مسلح، والمقاولين والعمال الذي يرصفون الشوارع العامة يتعرضون للابتزاز من نفس نوعية ذلك الشباب، الذين يهددون ويبتزون الباعة المتجولون والمحلات التجارية، المواطن عرضه لسخافة وقلة أدب مثل هولا الشباب في الشارع العام، اليوم بعض الأحياء السكنية عرضة للسرقة والسطو، من المسئول عن كل ذلك ؟، لكل مما ذكرت حكاية ومشتكي لا مجال لذكرها هنا،احدهم كفر بما نردده عن تاريخ عدن، صارخا لا تحدثني عن زمان قلي من أنت اليوم، وما هي عدن المكلومة من ممارسات هولا الثلة الخبيثة التي تعبث بحياتنا، هولا لا يمثلون عدن، تصدروا المشهد في فراغ امني واضح، مع تقديرنا للجهود الأمنية في مجالات عدة مختلفة.
نحن بحاجة لنقد الذات قبل نقد الأخر، قناعة تحتاج لنضوج وعي وثقافة، هل يمكن نصل لذلك المستوى من النضوج لننتقد الذات قبل أن ننتقد الآخر، سيكولوجية نقد الذات هي المطلوبة اليوم للبناء وتجاوز المحن، لتطبيع الحياة، وإصلاح الاعوجاج وتجاوز الماضي وثاراته وعلله، سيكولوجية الاعتراف بالأخطاء والهفوات لتصحيحها وتجاوزها، ذلك هو الوعي القادر على التنازل للصالح العام، وخدمة المشروع الوطني الجامع، غير ذلك مجرد فوضى تزيد من تأزم الواقع وفجور في الخصومة وصراع لا نهاية له غير دمار وطن ومعانات شعب، حيث يتشكل كيان استبدادي مهيمن على الأمة ومقدراتها، ويتصدر المشهد الشر والأشرار.