مما لاشك فيه أن التطورات الأخيرة والتي أفضت إلى مقتل صالح ستكون لها ثأثير بالغاً في المرحلة القادمة، إذ من البديهي إدراك أن خروج صالح من المشهد سيترك أثراً، فما بالنا بخروجه بهذه الطريقة .
هناك مكاسب ستعود على جماعة الحوثي وربما تتمحور حول الحالة النفسية والمعنوية لمقاتليها، لكن على المدى الأبعد فإن مغادرة صالح المشهد مقتولاً على أيديهم سيفقدهم الكثير مما استفادوا منه خلال الفترة الماضية .
لقد خسروا بالتأكيد غطاء سياسي وفره لهم صالح بطريقة مباشرة عبر شبكة من الدبلوماسيين الذين جابوا العالم للترويج للانقلاب، وغير مباشرة باعتباره رئيس سابق يملك شبكة علاقات مع مؤسسات دولية ومنظمات وأفراد تحفظ له بعض الارتباطات، بالإضافة إلى جهات أو دول تورطت مع صالح في عمليات قذرة تفضل عدم معاداته لضمان عدم فتح ملفات العمليات التي يعرفها وشارك بها صالح أثناء حكمه .
أصبحتُ أكثر إدراكاً أن الغباء السياسي لازال يفعل فعلته في أوساط الحوثيين، ولازالوا يتمرغون بين أكوامه البلهاء، وهذا الغباء أوصلهم لاستعداء الجميع وشن الحرب على الكل، وأخر من تم استعداهم هم أتباع صالح الذين التزموا بالوقوف مع الجماعة احتراما وتنفيذاً لرغبة زعيمهم الراحل .
وحتى لا أغرق في تفاصيل الآثار فإن الخوض في النتائج المتوقعة هو الأسلم في الوقت الحالي .
من المتوقع أن يزداد صف الشرعية قوة بانضمام عدد جديد ومؤثر من قيادات المؤتمر وبالتالي سيصبح المؤتمر خارج إطار الانقلاب، وسيدب الخوف والهلع في نفوس الذين كانوا يعتقدون أنهم بمأمن ماداموا متحالفين مع الحوثي، وبالتالي فإن النتيجة الحتمية للخوف والهلع هو تامين الذات بالانضمام للشرعية والهرب من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي .
في الشق السياسي فبالتأكيد أن اليمن الجديد لن يُبنى بدون المؤتمر كحزب، والمؤتمريين كمواطنين مارسوا العمل السياسي والإداري منذ فترات طويلة، لكن نهاية شهر العسل الذي ظنوا أنهم يعيشوه بهذه الطريقة يضعهم أمام خيار واحد وهو الانضمام للشرعية والعمل في ظلها ومن داخلها لاستعادة ما فقده الجميع في هذا الوطن .
على الصعيد العسكري الميداني فإن مقتل صالح بهذه الطريقة سيترك أثرا على طائفة من المقاتلين كانوا مسكونين بوهم تحالف الحوثي صالح، وبالتالي فإن أي مقاتل يترك تمترسه مع مليشيات الحوثي في صف الانقلاب فإن ذلك يعد مكسباً للوطن وللشرعية، وليس بالضرورة أن يكون هذا الفرد هو الذي سيحقق بانسحابه هزيمة الانقلاب، لكن باعتبار أن مغرراً به قد أفاق، وأسلم نفسه وسلم غيره من الموت، وهذا هدف سامي للشرعية ولكل محب لهذا الوطن بالتأكيد .
على الصعيد الشعبي فإن مقتل صالح على أيدي حلفائه يؤكد للجميع أفراداً وأحزاباً واتجاهات أنهم أمام جماعة مليشاوية لا تقيم وزناً لحليف ولا صديق، وأن من سلمها السلاح والعتاد ووفر لها الدعم اللوجستي والسياسي والبشري كان أولى برد الجميل بالحفاظ على سلامته وسلامة عائلته في أقل تقدير، وما تم بحقه يجعل الجميع يقطعون الأمل بالتعايش مع الحوثيين، أو دعمهم، أو التحالف معهم .
أخيراً ..
فمن المؤكد أن الساعات والأيام القادمة ستشهد حراكاً سياسياً بدرجة عالية من الديناميكية، وثمة متغيرات عديدة ستؤثر في تغيير المشهد القائم، ولدي توقع أنها ستقود المشهد للانفراج، وستسرع الحسم في المعركة مع الانقلاب سواء على الصعيد السياسي أو العسكري .
دمتم سالمين ..