هل هي عاهة أم بلاهة، التصلب في المواقف، والتعصب في الرؤى، والاستناد للقوة، والعنف كوسيلة للحسم، بالتهديد والتلويح، هكذا كان النظام الذي رفضناها، وثرنا علية بعد محاولات عدة ليتراجع عن تلك السياسات، كان المطلب تسوية الملعب، وترك الحياة السياسية والديمقراطية تجرى في مجراها الطبيعي دون تدخل لتكييفها بما يخدم الأنانية المفرطة للحاكم، حتى صار الظلم واقع والتعسف متاح، وللقهر نوافذ، فأظلمت الحياة في وجه الناس، وعاشوا ضنكها وجوعها وقلة حيلتهم، بينما تفرعن النافذون والفاسدون والظلمة، وكانت الثورة لتصحيح المسار وتسوية الملعب السياسي، لتكن الديمقراطية سلوك وثقافة والحياة عدل ومساواة .
لكل ظالم نهاية، مهما تصلب واغتر، أخذته العنجهية، ويعتقد انه أقوى من الحق ومن الشعب ومن دعاء المظلومين والمقهورين وغضب الله .
إنها العقلية العصية على فهم مجرى التاريخ وأن الوطن ملك لكل أبنائه بأطيافهم وألوانهم السياسية والفكرية، وان الجميع فيه شركاء متساوين في الحقوق والواجبات، هي نفسها تتغلغل فينا لتنتهز الفرصة للتربع شؤوننا، وتدير حياتنا لما يخدم أنانيتها وطيشها وتهورها، مهما اختلفت الجغرافيا والشعارات، النتيجة هي ذاتها، صراع وشيطنة وتكفير واتهام، وفريق من المنافقين،يفبرك الحكايات والصور، ويشحن الحياة بالمزيد من الحرب النفسية، والحشد والتحريض ضد الأخر، حيث يصنع له هيلمان وشعارات جوفاء وأصنام يأخذهم الغرور ليجروا الوطن لما لا يحمد عقباه .
التصريحات المتشنجة والغاضبة للتوافق والتقارب بين القوى السياسية المختلفة فسيفساء الحياة السياسية، ومنهم التجمع اليمني للإصلاح كجزء من هذا التنوع، اختلفنا أو اتفقنا معه، تصريحات تعبر عن مكنونات تصب في ذات العقلية، الانزعاج من الجبهة الوطنية والإجماع في إخراج البلد مما هي فيه، بتفكير قاصر (أين موقعي من الإعراب)، أنها السلطة المغرية، والمصالح المكتسبة، وطز بالوطن وقضاياه العليا، حين تقرءا أطروحاتهم، تعود بك الذاكرة لذلك الزمن العفن، الذي مزوق الوطن وشرد الأبرياء، و المناضلين والشرفاء والأحرار، وحكمه جماعة لا تخلوا من الأنذال .
اليوم الوطن جنوبا وشمالا محتاج لجبهة وطنية، تظم كل القوى السياسية دون استثناء، أنها إرادة الحياة والمسار الصحيح لمخرج يحفظ لما تبقى من وطن وكرامة وسيادة بعيدا عن الارتهان .
على الجميع أن يعترف بفشله في فرض أمر واقع على الآخرين، فشل حتمي على مر التاريخ، وعلينا البحث عن وسائل أكثر رقي لصيغة مشتركة للتعايش كشركاء متساوين في الحقوق والواجبات، في إطار دولة ضامنة للمواطنة والحريات .
هذا ما نحتاجه جبهة وطنية تقود معارك التحرير في كل الجبهات العسكرية والثقافية والتنموية، وتهيئة الحياة في المناطق المحررة لفرض سلطة الدولة (الشرعية) والنظام والقانون، تطفوا للسطح كل القوى ألحقه، الشرفاء والأحرار والوطنيين،دون فرض أمر واقع بالقوة، جبهة عند مستوى التحديات، ترفض المليشيات و أي تشكيل عسكري خارج أطار الدولة (عصابات)، ليكن جيش وطني، يحمي القيم والمبادئ والثوابت الوطنية والإنسانية معا ،و إرادة الجماهير، ليسلم الجميع سلاحه و ولاءه للدولة ممثله بجيشها الوطني، ليكن صندوق الانتخاب والاستفتاء الحر والنزيه هو الممثل الشرعي والوحيد لإرادة الناس، ويحمي هذه الإرادة جيشنا الوطني البطل في الجنوب والشمال .