حزينة يا عدن، من كثر الطامعون فيك، وأدواتهم الغبية، حزنك غائر من 13 يناير، والصراعات المناطقية.. إن اتفقوا نهبوك واستباحوك، وإن اختلفوا دمروك، وقتلوا أخيارك وأفضل ما فيك. شتتوا أوصالك، وجعلوك لقمة صائغة للنظام الفاسد وأعوانه، وظلوا سنوات ينوحون ويذرفون دموع الندم على ما حل بك في كارثة 94م الظالمة، جعلوك ساحة لاعتصامهم، ضد الظلم والاستبداد والتمايز والعنصرية والنهب والسطو على البلد وخيراتها، منادين باستعادة الدولة التي ننشد وعاصمتها عدن الحبيبة، وما ذا يعملون اليوم ؟يمارسون تلك القذارة بأبشع صورها. وفي الاجتياح الثاني للكهنوت، لم تجدي من يحميك غير أبنائك وما رحم ربي منهم، ومعظمهم فحطوا لقراهم ومناطقهم، وبفضل الله وصمود رجالك الأشاوس الذي ترعرعوا في كنفك، وتمرغوا بترابك الطاهر، ودعم التحالف كان النصر حليفك، وعادوا، وعادت عصبيتهم وقرويتهم وعنفهم وعنجهيتهم، إلا القلة القليلة ممن انسجم واندمج مع نسيجك الاجتماعي وفسيفساؤك الرائعة، من ارتشف من علمك وتشرب ثقافتك، وتعايش في مجتمعك، ورمى عصبيته وقبليته وقرويته جانبا وتمدن، تمدن ثقافة وسلوك وقناعات واختيارات ومواقف، وكان خير لا شر بوجوده على أرضك، الحضن الدافئ الذي يستقبل الجميع بكل أطيافهم وأعراقهم وتوجهاتهم. كنا نعتقد أن عدن تحررت، وسيجد أبناؤها الفرصة سانحة لإدارة شئونها، وهي غنية بالكوادر والمؤهلات المهنية والإدارية والاقتصادية بل العسكرية والأمنية، وكانت على وشك ذلك بادرة الشهيد المحافظ/ جعفر محمد سعد، لكن هناك من كان يرفض هذا الاستقلال للمدينة، وبدأت الأحداث تأخذ مجرى أخر، والبداية استشهاد المحافظ، وتقييد الجريمة ضد مجهول (والمجرمين في قبضتهم)، وسيناريو المنقذ القادم من خارج عدن، بعقلية لا تتناسب مع عدن لا ثقافيا ولا فكريا ولا مدنيا، عقلية متعصبة عنيفة، مشبعة بالأحقاد والثارات والكراهية والانتقام، وبدأت سياسة العنف والإقصاء والتهميش والاجتثاث والانتهاكات والاغتصاب والظلم والاضطهاد بل الاستبداد بحد ذاته، وعنجهية السطو والنهب، ومسلسل الاغتيالات،وإذا بفدائي عدن مصيرهم السجن أو القتل، استهداف لعدن. هؤلاء هم البديل الواضح للمستبد والطاغية والكهنوت الذين رفضتهم عدن وقاومتهم بل ومرغت أنوفهم بالتراب، هم اليوم يمارسون نفس السلوكيات، سطو على الأراضي والمتنزهات والمتنفسات والمعالم التاريخية وإرث عدن، بصورة وقحة وبجاحة، بعض يبررها هولا جنوبيون وهذه أرضهم أحق لهم من الشماليين، هذا ما يؤكد أن العقلية هي ذاتها، التي تبرر الوسيلة بعذر أقبح من ذنب. الحق يقال، رغم وساخة وقذارة النظام الفاسد، لكنه كان يخجل أن يتمادى على المعالم التاريخية، وارث عدن، هولا تجاوز كل الخطوط الإنسانية والأخلاقية، لطمس معالم وتاريخ وارث عدن الحضاري،لأرث عدن من معابد ومعالم، لبوابة عدن، واليوم سور عدن التاريخي، والكم الهائل من السطو للأرضي والعقارات، وكل يوم يمر تكتشف عوراتهم، وما كنا نعتقد انه مناكفات وإشاعات، اليوم نحتاج لتحقيق عادل وشفاف لكشف كثير من الحقائق التي طرحت عن اغتصاب ونهب وانتهاكات، لأننا أمام جماعة لا تستحي ويمكن ان تعمل ما تشتهي.
أحمد ناصر حميدان
حزينة يا عدن 1397