بعد أكثر من خمس سنوات ونصف من مباشرة التحالف العربي عملياته العسكرية في اليمن، لم يتمكن من الحد من نفوذ الحوثي، كما أنه لم يتمكن من الحد من النفوذ الإيراني المتعاظم، فها هي إيران ترسل سفيرها حسن آيرلون سفيرا مطلق الصلاحية، وسنجده بعد أيام يلتقط صورا لنفسه على الجبهات محاطا بقادة المليشيا الحوثية، الخاسر الوحيد هو الشعب اليمني الذي دمرت دولته وبنيته التحتية، ويبدو هنا التحالف العربي يؤدي مهمة عكس تلك التي أعلن عنها، فهو جاء لإنهاء إنقلاب الحوثي وإعادة الشرعية إلى صنعاء وإذا به يمنعها من البقاء في عدن، ويصنع لها مليشيات هنا وهناك للانشغال بها عوضا عن الانشغال بمواجهة الحوثي، فما يجري هو عكس ما أعلن عنه تماما.
الواضح أننا أمام فشل هائل، وهو فشل لا يقتصر على إخفاق الحد من قدرات عصابة الحوثي العنصرية وتحقيق الأهداف التي أعلن إنشاء التحالف من أجلها، بل شمل مختلف أشكال إدارة الأزمة، فأن يصل السفير الإيراني إلى صنعاء ويخترق الحصار الجوي والبري والبحري الذي يطبقه التحالف على اليمن فإن ذلك لا يمثل غير سذاجة واضحة من قبل هذا التحالف الذي يمارس حصاره على المرضى اليمنيين في حين أن إيران ومرتزقتها من الحوثيين ينفذون من خلال هذا الحصار متى ما أرادوا.
ولا نبالغ إذا قلنا إن التحالف العربي لم يكن سلوكه يوما بمستوى المسؤولية، بل لم ينجز أي نتائج ملموسة لصالح الشرعية، بينما استطاعت المقاومة في مأرب وبعيدا عن التحالف تحقيق إنجازات كبيرة ومرغت أنف عصابة الحوثي بالتراب، وهذا يؤكد أن سياسة التحالف ساهمت في تفشي الحوثية وتمددها، بل إن التحالف يدعم الحوثي لكي تستمر الحرب فترة طويلة لتحقيق أهداف سياسية في اليمن دون إدراك النتائج السلبية لذلك، فخلال سنوات الحرب لم يكن هناك أي مساع تتعلق بمواجهة الإطار الأيدولوجي والعقائدي للحوثي.
وحينما نتابع خارطة الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم، نجد اليمنيين والسعوديين والسودانيين، لكننا لا نجد الإماراتيين، بما يكشف أن الإمارات لعبت لعبة مزدوجة، فهي لا تحارب على الأرض، بل تسعى للبقاء على هامش المواجهة الفعلية ضد الحوثي وبنفس الوقت تقوم باحتواء التحالف وعرقلة الشرعية.
خلاصة القول إن المواجهة المقبلة ستكون بين السفير الإيراني المعين حديثا في صنعاء وبين السفير السعودي في اليمن ، وستكون الكفة لصالح السفير الإيراني لأنه سيشرف على سير المعارك بنفسه وسيدعم المليشيات الحوثية بالمال والخبرات العسكرية ، بينما سيدعم السفير السعودي الحكومة اليمنية بالفساد ومصادرة قرارها وسيستثمر كل جهوده في الفساد ، وسيجلب الخراب لبلاده بعد أن جلبه لليمن ، فهل تتدارك المملكة الأمر قبل فوات الأوان وتقوم بتعيين سفير يعمل إلى جانب الشرعية في تحقيق أهداف الحرب وليس في مصادرة قرار الحكومة ؟