من يتابع الحوثيين وهم يصرخون صباح مساء " الموت لأمريكا " يعتقد أن الأساطيل الأمريكية في طريقها إلى اليمن لمهاجمة هذه العصابة التي تحرض على الأمريكيين وتدعو إلى قتلهم ، لكن من يتابع ردود الفعل الأمريكية يتأكد أن هناك علاقة بين الطرفين وأن الشعار ماهو إلا تضليل لليمنيين مثلما ضلل الإيرانيون غيرهم بذات الشعار ، فمن يصدق أن الأمريكيين الذين أدرجوا اسماء أفرادا في قائمة الأرهاب بينما يمتنعون عن تقييم عصابة الحوثي كجماعة إرهابية .
أمريكا وإيران وجهان لعملة واحدة والحرب الدائرة بينهما في الإعلام فقط ، بينما على الأرض أمريكا دمرت القدرات العسكرية العراقية تحت حجة الأسلحة الكيماوية لتسلمه لإيران ومليشياتها الشيعية التي أعادت العراق إلى ماقبل التاريخ ، وأمريكا هيأت اليمن لإيران أيضا ومكنتها من الانتقام من الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومن الجيش اليمني الذي دمر على يد الحوثي والتحالف المدعوم من أمريكا .
أظن أن اليمنيين يذكرون خطاب المتمرد حسين بدر الدين الحوثي عام ١٩٨٥ ، حينما توعد الرئيس والجيش بأنهم لابد أن ينالوا عقابهم لأنهم حاربوا إيران ووقفوا إلى جانب العراق ، والحقيقة أن ثأر إيران مع اليمن لا يبدأ في هذا التاريخ بل هو قديم قدم التاريخ منذ أن انتصر عليهم الملك اليمني شمر يهرعش وكسر شوكة الفرس واقتحم مدنهم .
لم تكتف عصابة الحوثي باستهداف أعناق اليمنيين بل استهدفت الأرزاق أيضا ودمرت واستساغت الخراب في أدق التفاصيل ، فجريمة هذه العصابة لا تقتصر على لحظة الانقلاب ، بل في الجرائم المتصلة مع سبق الإصرار والترصد حيث حولت اليمن إلى ساحة صراع إقليمي وسلمت الشعب اليمني ومستقبل كيانه كدولة إلى الإرهاب الإيراني المعروف بكراهيته لليمنيين .
ولكي ندرك التواطؤ الأمريكي مع هذه العصابة علينا أن نركز على مئات الآلاف من طلعات طيران تحالف دعم الشرعية الذي كان يترك احتفالات الحوثيين واستعراضاتهم العسكرية ويذهب إلى قصف الأعراس والأسواق وصالات العزاء لاصطياد القادة والسياسيين المناوئين لعصابة الحوثي الإرهابية ، أضافة إلى دعم الإمارات للانقلاب على الشرعية في عدن وشغلها عن مواجهة الحوثيين .
ولست بحاجة للقول إن النظام في إيران والإمارات قد جهزوا عملاءهم على تعدد وجوههم وانتماءاتهم لكي يخربون الوحدة الوطنية وتمزيق التعايش المثالي لليمنيين وفتح أبواب الحرب الأهلية والإيقاع بين اليمنيين في سنوات دامية وتعزيز العداء الطائفي والمناطقي ورفع درجات التوتر المستمر .
حتى هذه اللحظة مازال المشروع الإيراني والإماراتي للانتقام من اليمنيين يتصاعد في ظواهر التجويع والإذلال ، ليصبح القرار بيد سلطة الاحتلال الإيراني في الشمال والإماراتي في الجنوب والاتفاق على تدمير التعليم وترك نسبة واسعة من اليمنيين تحت خط الفقر والجهل بهدف ترويض الشباب ودفعهم للذهاب إلى التجنيد في صفوف المليشيات والعصابات وتهيئة المناخ للأمية .
من صور الانتقام الإيراني تغيير المناهج وطمس الهوية اليمنية وتغيير أسماء المدارس من مسميات مرتبطة بالثورة والجمهورية إلى مسميات لها علاقة بالعصر الظلامي الإمامي ، وبالمثل فعل الإماراتيون الذين استخدموا الطلاء في المدارس التي بنتها الجمهورية اليمنية وقاموا بإسقاط العلم الجمهوري ورفعوا صور حكامهم في هذه المدارس .
جرائم التلقين الطائفي للتفريق بين الشعب اليمني غزت مدارس الشمال والتلقين المناطقي غزت مدارس الجنوب والهدف من ذلك هدم فكرة المعلم والمربي لتنشئة أجيال على شاكلة من باعوا وطنهم لإيران والإمارات ، هناك إصرار من قبل مليشيات إيران والإمارات على إعدام الفكر العلمي وحب الوطن والسعي لتخريج مجاميع من الفاشلين والمتسولين والمستجيبين لنداء الخيانة .
خلاصة القول إن إيران والإمارات لديهما جوع مزمن للانتقام من اليمنيين ، كل اليمنيين ، فإيران لها عداء تاريخي مع اليمن واليمنيين والإمارات لها عداء مع تاريخ اليمن ، فعقدة النقص التي لديها من عمق التاريخ اليمني جعلها تصر على تدمير اليمن ومحاولة سرقة هذا التاريخ لكي تنسبه لها ، وهذا يجعل كل يمني تشرب الحرية والعزة والكرامة يقف في وجه هاتين الدولتين ومليشياتهما وأخص هنا الجيش الذي تربى في كنف الثورة والجمهورية ، فمن العار عليه أن يقاتل تحت راية الإمامة التي توعدته منذ فترة بعيدة بالانتقام منه وهاهي تفعل ذلك بجعله يقتل على يد إخوانه من الجمهوريين ، وكذلك المؤتمريين الذين قتلت عصابة الحوثي زعيمهم ورئيس حزبهم ، فعار عليهم أن يتحالفوا مع القتلة ، والأقرب لهم أن يمدوا أيديهم للجمهوريين لاستعادة دولتهم المختطفة .