يخطئ من يعتقد أن عصابة الحوثي هي التي أسقطت الجمهوري ، فهي أضعف من أن تسقط ذبابة ، فما بالنا بجمهورية عمرها ٥٨ عاما ، كانت بمثابة دخول الإسلام إلى اليمن ، فتشخيص المرض يساعد على الدواء السليم ، وحين نعتقد أن الكهنوتيين هم الذين أسقطوا الجمهورية ، سنكون كمن يعطي المريض دواء خاطئا ، وسنظل نبحث عنها في غير مكانها ، فالجمهورية أسقطت من داخلها ، أسقطت من قبل الجمهوريين المعبئين بالثأر والكراهية والإقصاء لبعضهم البعض .
الجمهورية ضحية الجمهوريين ، فهم الذين دحروا جمهوريتهم ودمروا كل سبل الود والعيش المشترك فيما بينهم ، لقد فجروا النسيج الاجتماعي بينهم وهدموا الثوابت المشتركة ، فيما الحوثي لم يستطع أن يفعل شيئا سوى تفجير البيوت ، والجمهوريون ساعدوه على تفجير الكراهية في النفوس .
ولن أكشف مستورا إذا قلت إن بعض الإصلاحيين والمؤتمريين يعشقون الكراهية لبعضهم وعلى استعداد للذهاب وراءها حتى لو كانت في أقصى القطب الشمالي ومستعدين يقضون حياتهم في الخارج محملين بالكراهية على أن يتجاوزوا ما أفسدوه في الماضي وكانوا سببا في الشتات الذي يعيشونه .
بكراهيتهم لبعضهم البعض عبدوا الطريق لعصابة الحوثي لتمر بسلام وباستمرار هذه الكراهية أطالوا بحياة هذه العصابة ، مما جعل القلة الكهنوتية تسيطر على البلاد والكثرة الجمهورية خارج البلاد ، وبسبب من ذلك وفي لحظة سهو سقطت الجمهوري ، وعاد الملكيون إلى صنعاء بعد أن حاولوا خلال ٥٨ عاما أن يعودوا ولم يتمكنوا من ذلك حتى مكنهم الجمهوريون .
لقد جرد الجمهوريون اليمن من الجمهورية وجردوا أنفسهم من الهوية ، فالبعض يولي وجهه شطر أبو ظبي والبعض شطر الدوحة وآخر شطر الرياض وتبقى صنعاء مباحة لأذناب إيران ، الجميع يقاتلون بدون هدف وكل طرف يتنكر للطرف الآخر ، بل ويتنكرون لكل حقائق التاريخ وثوابته ، وكلما ترنحت عصابة الحوثي آيلة للسقوط سارع الجمهوريون للتحالف معها سرا أو جهرا ليبعثوا فيها الحياة من جديد .
مأرب تواجه الحوثي باسم الشرعية ، والساحل ينأى بنفسه بعيدا باسم الشرعية أيضا ، أليس مأرب جمهورية والساحل جمهورية ، فلماذا إذا نصف الجمهورية يقاتل ونصفها الآخر يتفرج ؟ هناك من يمارس دوره خارج الشرعية ولما يحين موعد المعركة المقدسة باسم الجمهورية يعيد الأمر إلى الشرعية ، لن أتجاوز الحقيقة مرة أخرى إذا قلت إن الجمهوريين أصبح لهم مسميات ، مؤتمريون ، عفاشيون ، إصلاحيون ، يجمعهم ثأرهم القديم .
في الأخير أقول : اللهم إني مؤتمري وكل إصلاحي أخي في الجمهورية ، وكل حوثي عدوي وعدو لليمن ، وعلى كل جمهوري أن يأخذ بيد أخيه الجمهوري وأن يصفي نفسه من الثأر الذي صنعه الآخرون ، فالجمهورية ثابت يوحدنا ولا يفرقنا ، ومن لم يصالح في الجمهورية ، فإنه عمل غير صالح وعلينا أن نضمه إلى جانب من يخدموا عصابة الحوثي الإرهابية .