عادة ما تقابلني أسئلة من قبل البعض، من هو المخطئ في اليمن، إيران أم التحالف؟ الواقع يقول إن الطرفين أجرما في حق اليمن وقد كان للاختلاف والصراع بين الأحزاب السياسية دور في تمكين هذين الطرفين من إعاقة اليمن وتدميره .
المجرم الأول في حق اليمن المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح، فخلافاتهما قادت في النهاية إلى هذا الوضع، أججا الخلافات فيما بينهما، حتى انتهى الأمر بدخول الحوثي إلى صنعاء وإسقاط الدولة بأكملها .
المجرم الثاني هو إيران التي اشتغلت على البعد الطائفي ومحاولة تشييع اليمن من خلال الحوثيين والدفع بهم للانقضاض على الشرعية الدستورية وعلى الدولة ومؤسساتها بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بهدف تحقيق الهلال الشيعي الذي يوفر لإسرائيل الوصول إلى المنطقة .
المجرم الثالث هو التحالف الذي ظل يخدع اليمنيين بأنه يحارب إيران في اليمن، بينما هو على الأرض يحتل أجزاءً من اليمن ويمنع الشرعية من بناء مؤسساتها على الجزء الآخر من خلال بناء مليشيات تقف في وجه الشرعية .
أمريكا كانت العامل المشترك بين التحالف من جهة وإيران والحوثي من جهة أخرى، فهي في الظاهر تقف إلى جانب التحالف الداعم للشرعية فقد زودته بالأسلحة والذخائر ولم تسمح باستخدامها ضد الحوثي بل استخدمتها في ضرب اليمنيين وعلى أرض الواقع دعمت إيران والحوثي، وحافظت على بقائه وبقاء قياداته دون المساس بها .
لقد تابعنا كيف كانت أمريكا حريصة على الاتفاق النووي الذي أوجدته في إيران وحولته إلى بعبع لدول الخليج تمارس عليهم التخويف به، وفي كل مفاوضاتهم مع إيران حول مشروعها النووي لم يربطوا ذلك بسياسات وجرائم إيران الإرهابية العدوانية ومشروعها الطائفي التوسعي .
النظام الإيراني بكل بساطة وجد لخدمة المشروع الصهيوني وإسرائيل الكبرى، فقد كانت العلاقات السعودية الإيرانية أثناء نظام الشاه علاقات طبيعية، فتم الانقلاب على نظام الشاه والمجيء بنظام الخميني لكي يعطوا للصراع مشروعية .
ونتيجة لذلك قامت إيران بما عجزت عنه الصهيونية في إقامة دولة إسرائيل الكبرى، فقد استطاعت أن تلعب لعبة مزدوجة ظاهرها العداء لإسرائيل وواقعها تدمير الجيوش العربية التي كان يمكنها مواجهة إسرائيل، فقد تم إضعاف الجيش اللبناني لصالح حزب الله وتم ضرب الجيش العراقي لصالح المليشيات الشيعية وضرب الجيش اليمني لصالح الحوثي .
عودا على بدء نقول إن اليمن كانت ساحة حرب ومازالت، للتمهيد لاستكمال الهلال الشيعي الذي سيتكامل مع القطيف في السعودية ويتصل بالبحرين والعراق وسوريا ولبنان ، والسعودية وضعت نفسها كجزء من المخطط بدون وعي ، بينما الإمارات واعية ذلك لأنها موعودة بقيادة المنطقة بديلا عن السعودية .
موقع اليمن ضمن خارطة إسرائيل الكبرى أن تفقد سواحلها وجزرها كاملة ويظل اليمنيون يتقاتلون لسنوات طويلة نيابة عن الحلفاء الإقليميين، فهذا الطرف مع إيران وذاك مع الإمارات، أما السعودية فستنتقل المعركة إلى أراضيها بهدف تقسيمها .
ويمكن للقارئ البسيط أن يدرك كيف تم إلهاء الشعب اليمني عن قضيته الرئيسية وهي قضية استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب إلى قضايا ثانوية كانقلاب الانتقالي واتفاق ستوكهولم واحتلال الإمارات لجزيرتي سقطرى وميون وقريبا ستستولي على جزيرة الصليف وسيبدأ اليمنيون الحديث عن الصليف وسينسون ميون مثلما نسوا سقطرى من قبل .
مازال الأمريكيون والبريطانيون يسعون إلى تفكيك اليمن وتوزيع ثرواته بمعرفتهم، لذلك المخطط أنهم يغرقون المحافظات الجنوبية بالقاعدة وداعش وسيبدأ التنظيمين بالظهور والتركيز الإعلامي عليهما بعد أن كان قد توارى في الفترة الماضية وما تعيين شلال شايع كقائد لقوات مكافحة الإرهاب إلا لهذا السبب، إنهم يستعدون لفتح معركة مع حزب الإصلاح الذي يعتبره الانتقالي جماعات إرهابية ويعتبره الحوثيون دواعش تكفيريين ويتفق معهم بعض المغفلين الذين يغلبون خلافاتهم مع حزب الإصلاح على البعد الإستراتيجي للصراع .
وإذا كان هذا هو السيناريو المعد للمرحلة القادمة في ظل اختطاف قرار الشرعية من قبل السعودية والإمارات، فلماذا لا يتوحد الصف الجمهوري، كما توحد في ميلاد ثورة ٢٦ سبتمبر و١٤ أكتوبر لمواجهة أعداء اليمن، فليس كل ما يخططه الأعداء يمكنه أن يتحقق إذا وجد المشروع الوطني المواجه؟!
العامل المشترك بين التحالف والحوثي هو إغراق اليمن في مستنقع الفقر، لكي يسهل عليهم التحكم بلقمة العيش وتطويع الناس بسهولة، وما يقوم به الحوثي في هذه الأيام من حصر للمقاتلين في صفوف الشرعية ومصادرة ممتلكاتهم أو الدفع بهم إلى العودة إلى مناطقهم يعد مؤشراً على تواطؤ التحالف على تجريف الهوية الوطنية لصالح الحوثي وتغليب كفته في هذه الحرب .